غيوم



النجم سارح فـ  الفضا موهوم
لا بينكسر ولا يتوجع بهموم
فاكر مصيرُه كده
عايش ومتاخد
ساكن فـ قلب الليل
ويقول يا ناس مظلوم !
.... تابع قراءة التدوينة

نستور ماخنو






 - الثورة الاناركية -



(1)


الأناركية – هي حياة من الحرية و الاستقلال الخلاق للإنسانية .

لا تعتمد الأناركية على نظرية أو برامج , إنها تحاول أن تحيط بحياة الإنسان في كليتها . إنها تعليم , يقوم على الحياة الفعلية , ينمو متجاوزا كل القيود الاصطناعية , و لا يمكن حصرها بأي نظام .

الشكل الملموس للأناركية هو مجتمع حر غير خاضع للحكومة , يمنح الحرية , المساواة و التضامن لكل أعضائه . و توجد أسسه في الفهم الإنساني للمسؤولية المتبادلة , التي بقيت ثابتة في كل زمان ومكان . هذا الحس بالمسؤولية قادر على ضمان الحرية و العدالة الاجتماعية للجميع بواسطة جهودهم غير المدعومة من سواهم . إنها أيضا الأساس للشيوعية الحقيقية .

لذلك فالأناركية جزء من الطبيعة البشرية , و الشيوعية هي امتدادها الطبيعي .

هذا يقود إلى ضرورة صياغة النظريات الأساسية للأناركية باستخدام التحليل المادي الفعلي و المنظم . البعض ( أعداء الحرية , وأعداء التضامن ) يحاولون طمس حقائق الأناركية و التشهير بمثلها , آخرون ( المكافحون من أجل حق الإنسان بحياة لائقة ) يعملون على تطوير و إظهار مثلها . أعتقد أن غودوين , برودون , باكونين , موست , كروبوتكين , مالاتيستا , س. فاور , و غيرهم لم يعتقدوا قط أنه كان بإمكانهم إعداد شكل نهائي للأناركية , بنية من الدوغما ( العقائد الجامدة ) العلمية الثابتة التي لا تتغير , من خلال نظرياتهم . عوضا عن ذلك تمثل تعاليم الأناركية جهدا جماعيا للكشف عن جذورها في الطبيعة الإنسانية , و لإثبات أن الإنجازات الإبداعية للإنسان لم تنحرف عنها أبدا , إن الخاصية الأساسية للأناركية , نفي كل عبودية , توجد بالمثل في الطبيعة الإنسانية .

تعني الأناركية الحرية , لا يمكن للاشتراكية أن تحطم القيود أو العبودية .

أنا أناركي و ثوري شخصيا , و قد شاركت في نشاطات الشعب الثوري في أوكرانيا . الأوكرانيون شعب يدرك فطريا معنى الأفكار الأناركية و من يمثلها . لقد عانوا من ضيق لا يوصف , لكنهم لم يتوقفوا أبدا عن الحديث عن حريتهم و عن الحرية في شكل حياتهم . لقد وقعت شخصيا في  أخطاء تكتيكية غالبا في هذا الطريق الصعب و كثيرا ما كنت ضعيفا و غير قادر على محاكمة الأمور . لكن لأني فهمت بشكل صحيح الأهداف التي كنت و إخواني نعمل في سبيلها و لأني كنت قادرا على مراقبة تأثير الأناركية الحية أثناء النضال من أجل الحرية و الاستقلال . فقد بقيت مقتنعا على أساس خبرتي النضالية العملية بأن الأناركية ثورية , و متعددة و رفيعة في كل مظهر من مظاهرها كما هي الحياة الإنسانية نفسها . حتى لو أني أحسست فقط بأضعف مقدار من التعاطف مع النشاط الأناركي الثوري فإني سأستمر بدعوتك , أيها القارئ و الأخ , لتبدأ النضال في سبيل مثال الأناركية , لأنه فقط إذا ناضلت في سبيل هذا المثال و دعمته ستفهمه جيدا . إن الأناركية ثورية في هذا الجانب و في جوانب أخرى عديدة . كلما كان الإنسان أكثر وعيا كلما كانت أفكاره عن واقعه أعمق . سيدرك واقع عبوديته و ستستيقظ الروح الأناركية و الثورية فيه و تظهر نفسها في أفكاره و أفعاله . هذا صحيح لكل رجل و امرأة حتى لو لم يسمعوا بها أبدا .

تلعب الأناركية دورا هاما في إثراء الحياة الإنسانية , هذه حقيقة يدركها المستبدون تماما كما يدركها المضطهدون . يقوم المستبدون بكل ما في وسعهم ليشوهوا مثال الأناركية , أما المضطهدون فيفعلون كل ما بوسعهم لدفعها إلى الأمام . لقد نجحت الحضارة المعاصرة في جعل الأناركية معروفة أكثر حتى بالنسبة لكل من السادة و العبيد على حد سواء , لكنها لم تكن أبدا قادرة على القضاء على أو إلغاء هذا الاحتجاج الأساسي للطبيعة الإنسانية , لأنها لم تكن قادرة على سحق المفكرين المستقلين الذين أثبتوا أن الله غير موجود . ما أن جرى إثبات هذا حتى أصبح من السهل إزالة الغطاء الذي يخفي اصطناعية الكهنوت و التراتبيات الهرمية التي تدعمه .

لكن أفكار أخرى عديدة قد أعلنت إلى جانب الأناركية : "الليبرالية" , الاشتراكية و الشيوعية البلشفية . هذه المعتقدات على الرغم من تأثيرها الكبير على المجتمع المعاصر , و رغم انتصارها على كل من الرجعية و الحرية , تقوم على أساس متزعزع بسبب اصطناعيتها , و إنكارها للتطور العضوي و جنوحها نحو الشلل .

الإنسان الحر من جهة أخرى قد ألقى بعيدا بشباك الماضي جميعا مع أكاذيبها و همجيتها . لقد دفن الجثة المتعفنة للعبودية و فكرة أن الماضي أفضل . حرر الإنسان نفسه جزئيا من تشوش الأكاذيب و الهمجية , التي استعبدته منذ يوم ولادته , من عبادة الحربة ( أي السلاح - المترجم ) , المال , الشرعية و العلم المنافق .

فيم يحرر الإنسان نفسه من هذه الإهانة فإنه يفهم نفسه بشكل أفضل , و ما أن يفهم نفسه فإن كتاب حياته سيفتح له . و سيرى فيه مباشرة أن حياته السابقة لم تكن إلا عبودية بغيضة و أن بنية العبودية هذه قد تآمرت لتخنق كل ميزاته الفطرية الجيدة . و يرى أن حياته هذه قد حولته إلى وحش للواجب , عبدا لواحد من أو بعض السادة فوق الآخرين , أو إلى أحمق يدمر و يدوس على كل ما هو نبيل في الإنسان عندما يؤمر بأن يفعل ذلك . لكن عندما توقظ الحرية الإنسان فإنها ستدمر كل الأشياء الاصطناعية إلى هباء و كل ما يقف في وجه الإبداع المستقل . هكذا يتحرك الإنسان في طريق التطور . في الأزمنة الماضية كان يتحرك في مدى جيل أو ما يقارب , لكن الآن تتحرك هذه العملية سنة بعد أخرى , لا يرغب الإنسان أن يكون لجاما أكاديميا لحكم الآخرين أو أن يتحمل حكم الآخرين له . ما أن يتحرر الإنسان من آلهة الأرض و "السماء" , من "أشكال السلوك الحسن" و من أخلاقيته , التي تقوم على هؤلاء الآلهة , فإنه سيرفع صوته و يناضل ضد عبودية الجنس البشري و تشويه طبيعته .

الإنسان المحتج , الذي أدرك بالكامل هويته و الذي يرى الآن بعينين مفتوحتين تماما , الذي يتعطش اليوم للحرية و الكمال , يخلق اليوم مجموعات من البشر الأحرار الذين يشدهم إلى بعضهم البعض كل من المثل العليا و الفعل . كل من يتصل بهذه المجموعات سينبذ مرتبة التابع أو الخادم و سيحرر نفسه من الهيمنة الغبية للآخرين . أي إنسان عادي يأتي من حراثة الأرض , من المصنع , من مقعد الجامعة أو من المقعد الأكاديمي سيدرك انحطاط أو ذل العبودية . عندما يكشف الإنسان عن شخصيته الحقيقية فإنه سيلقي بعيدا بكل الأفكار الاصطناعية , التي تناضل ضد حقوقه في الوجود الشخصي , لصالح علاقة السيد – العبد في المجتمع المعاصر . ما أن يدفع الإنسان إلى المقدمة بالعناصر الصافية في شخصيته و التي سيخلق من خلالها مجتمع إنساني جديد حر , فإنه سيصبح أناركيا و ثوريا . هكذا يجري استيعاب مثال الأناركية و انتشاره بين البشر , سيدرك الناس الأحرار حقيقتها العميقة , وضوحها و نقاءها , رسالتها عن الحرية و الإبداع .

لذلك فإن فكرة الأناركية , تعليم الحياة المتجددة للإنسان كفرد و ككائن اجتماعي , مرتبطة بالوعي الذاتي للإنسان و إدراكه لدمل أو الخراج المتقيح للظلم في المجتمع المعاصر . لذلك توجد الأناركية فقط بشكل غير قانوني أو نصف قانوني , لكن ليس بشكل شرعي كامل أبدا .

في العالم المعاصر , لا يعيش المجتمع لنفسه بل للحفاظ على علاقة السيد – العبد , الدولة . يمكن للمرء أن يذهب أبعد و يقول أن المجتمع يلغي فرديته . بتعابير إنسانية إنه لا يوجد على الإطلاق . لكن يعتقد بشكل واسع أن الدولة هي المجتمع . لكن هل "المجتمع" هو مجموعة من البشر الذين يعيشون فيما يجلسون على أكتاف كل البشرية ؟ لماذا الإنسان كفرد أو كجمهور يعد بمئات الملايين هم لا شيء مقارنة بمجموعة بليدة من "القادة السياسيين" ؟ هذه الضباع , الحكام سواء من اليسار أو من اليمين , هم محقون في استيائهم من فكرة الأناركية . البرجوازية صريحة في هذا الصدد على الأقل . لكن اشتراكيي الدولة من كل التسميات بما في ذلك البلاشفة مشغولون بمقايضة أسماء حكم سلطة البرجوازية بأسماء من اختراعهم , فيم يتركون بنيتها بالضرورة دون تغيير . لذلك فإنهم يحاولون إنقاذ علاقة السيد – العبد و كل تناقضاتها . رغم أنهم مدركين أن هذه التناقضات غير قابلة للتسوية بكل معنى الكلمة مع أفكارهم الاحترافية فإنهم على الرغم من ذلك يتمسكون بها لكي يحبطوا وضع الأناركية الشيوعية موضع التطبيق . في برامجهم يقول اشتراكيو الدولة أنه يجب السماح للإنسان بأن يحرر نفسه "اجتماعيا" . لكن لا تقال حتى كلمة واحدة عن الحرية الروحية للإنسان , عن حريته الإنسانية . بدلا عن ذلك فهم يتأكدون الآن من أنه لا يمكن تحرير الإنسان خارج وصايتهم . "التحرير" تحت إدارة أي حكومة أو بنية سياسية – ما علاقة ذلك بالحرية ؟ البرجوازي  , الذي لم يكرس نفسه أبدا لمهمة جعل أي شيء جميلا أو مفيدا , يقول للعامل : "من كان عبدا لمرة واحدة فهو عبد أبدا" . لا يمكننا إصلاح الحياة الاجتماعية لأنه لدينا رأس مال كبير جدا في الصناعة و الزراعة . إضافة إلى أن الحياة المعاصرة ممتعة بالنسبة لنا , أن كل الملوك , كل الرؤساء , و أن حكوماتهم ترعى آمالنا و تنحني أمامنا . إن العبيد هم مسؤوليتهم" أو يقول : "إن حياة المجتمع المعاصر تعج بالوعود الكبرى !" .        

"لا , لا !" يصرخ الاشتراكيون البرجوازيون و الشيوعيون . "إننا نختلف !!" و يسرعون بعدها إلى العمال , يقودوهم إلى الأحزاب , و يدعونهم للتمرد وفق الآتي : "اطردوا البرجوازية من مواقعهم و سلموا سلطتهم لنا. سنعمل من أجلكم . سنحرركم " .

و هكذا فإن العمال الذي تفوق كراهيتهم للحكومة حتى أكثر من كراهيتهم لتلك الطفيليات , ينهضون في ثورة لتدمير آلة السلطة و ممثليها . لكن إما بسبب الغباء أو السذاجة فإنهم يسمحون بوصول الاشتراكية إلى السلطة . هكذا وصل الشيوعيون إلى السلطة في روسيا . هؤلاء الشيوعيين هم الحثالة الحقيقية للإنسانية . إنهم يدوسون و يقتلون الناس العاديين و يشنقون الحرية , إنهم يطلقون النار على الناس تماما كما يفعل البرجوازيون . إنهم يطلقون النار على الناس الذين يفكرون بشكل مختلف عنهم لكي يخضعوهم لسلطتهم , لكي يستعبدوهم لحساب عرش الحكومة التي استولوا عليها للتو . إنهم يستأجرون الحراس لأنفسهم و القتلة ليتعاملوا مع البشر الأحرار . تحت ثقل القيود التي خلقتها "جمهورية العمال" الجديدة في روسيا , يئن الإنسان و يتأوه كما كان يفعل تحت الحكم البرجوازي . في كل مكان آخر يئن الإنسان تحت نير البرجوازية أو الاشتراكي البرجوازي . إن الجلادين , الجدد و القدامى , أقوياء . لقد أتقنوا فن القمع التكتيكي للمعارضة , و الإنسان يثور فقط لكي يحتج في سبيل حقوقه قبل أن يسقط مرة أخرى تحت عبء السلطة و اليأس . إنه يضع يديه جانبا فيم تربط الأنشوطة أو الأحبولة حول عنقه مرة أخرى , مغلقا عينيه كعبد أمام جلاده المسرور .

من هذه المشاهد المنتشرة للبؤس الإنساني و من البؤس الفردي يجب على الإنسان أن يشكل قناعاته , يدعو بقية البشر إخوته , و يقاتل في سبيل الحرية . إن الإنسان حر فقط إذا كان مستعدا لقتل كل جلاد وكل زعيم سلطة إذا لم يرغبوا بالتوقف عن مهامهم المشينة . هو حر فقط إذا لم يعر كثير اهتمام لتغيير حكومته و إذا لم يضلل ب"جمهورية العمال" البلشفية . عليه أن يضمن إقامة مجتمع حر فعلا يقوم على المسؤولية الشخصية , المجتمع الحر الوحيد . يجب أن يكون حكمه على الدولة هو التدمير الكامل : "لا . يجب ألا يكون هذا . إلى التمرد ! انهضوا أيها الأخوة , ضد كل الحكومات , دمروا سلطة البرجوازية و لا تسمحوا للحكومات الاشتراكية و البلشفية أن تظهر إلى الحياة ! دمروا كل سلطة و اطردوا ممثليها !" .

كانت هناك حتى لحظات كانت فيها سلطة الاشتراكيين و الشيوعيين أسوأ من البرجوازية , لأنهم يدوسون على أفكارهم نفسها و يسحقونها . بعد تحسسهم أسرار مفاتيح الحكومة البرجوازية يصبح الشيوعيون مذنبين و مختلسين , إنهم لا يرغبون أن ترى الجماهير ما الذي يفعلونه , لذلك فهم يكذبون و يخدعون و يحتالون . إذا لاحظت الجماهير ذلك فإنهم ستغلي بسخط . هكذا فالحكومة تهاجمهم في عربدة من اللا مسؤولية و تسفك دماءهم باسم "الاشتراكية" و "الشيوعية" . بالطبع أن الحكومة قد ألقت منذ زمن طويل بهذه الأفكار إلى القمامة . في لحظات كهذه يكون حكم الاشتراكيين و الشيوعيين أكثر انحطاطا من حكم البرجوازية لأنه حتى غير أصيل في استعانته بآليات القمع البرجوازي . فيم تعلق الحكومة البرجوازية ثوريا ما على المشانق , فإن الحكومات الاشتراكية أو البلشفية سوف تتسلل و ستخنقه أثناء نومه أو تقتله بالحيلة . كلا الفعلين سافل أو خسيس . لكن الاشتراكيين أكثر خسة بسبب طرقهم .

أي ثورة سياسية يتصارع فيها البرجوازيون , الاشتراكيون و شيوعيو الدولة مع بعضهم البعض على الهيمنة السياسية فيم يقحمون الجماهير التي تظهر الخصائص المذكورة أعلاه , فإن المثال الأكثر وضوحا هو الثورات الروسية في فبراير شباط وأكتوبر تشرين الأول 1917 . عندما أحست الجماهير العاملة التي كونت روسيا القيصرية أنها قد تحررت جزئيا من الرجعية , بدأت العمل باتجاه الحرية الكاملة . عبرت هذه الجماهير عن رغبتها بتجريد ملاك الأرض و الأديرة من الملكية أما بقية الأعمال فقد جرى الاستيلاء عليها من قبل الذين يعملون فيها . بذلت محاولات لخلق الاتصال بين البلدات و القرى . و فيم كانوا منخرطين في هذا النشاط كان الناس بالطبع غير مدركين أن هناك حكومات قد تشكلت في كييف , خاركوف , سانت بطرسبرغ و أماكن أخرى . كان الناس في الحقيقة يضعون الأساس لمجتمع جديد حر سيطرد كل الطفيليات و الحكومات و حماقة السلطة . هذا النشاط السليم كان ملحوظا بشكل خاص في الأورال , في سيبيريا , و في أوكرانيا . و قد جرى التعليق عليه من قبل الأنظمة القديمة كما الجديدة في بتروغراد , موسكو , كييف و تفليس . لكن الاشتراكيين مثلهم مثل البلاشفة كان لديهم ( و ما يزال ) عضوية حزبية منتشرة بشكل واسع و شبكة جيدة التوزيع من القتلة المحترفين . يجب هنا أن نضيف أنه إضافة إلى هؤلاء القتلة المحترفين , فإنهم قد استخدموا أناسا من كوادرنا . بمساعدة هؤلاء الناس تمكنوا من تقزيم حرية الشعب إلى مجرد جنين . وقد قاموا بعمل جيد . إن محاكم التفتيش الإسبانية كانت لتبدو مغفلة أو خرقاء مع شيء من الحسد أمامهم .

إننا نعرف الآن الحقائق الفعلية وراء الحكومات . للبلاشفة و الاشتراكيين نقول :"يا للعار ! يا للخزي ! لقد تحدثتم كثيرا عن إرهاب البرجوازية و قد أخذتم جانب الثورة بحماسة شديدة . و لكن الآن و أنتم في السلطة أظهرتم أنفسكم مثل نفس الأغبياء القدامى نفس خدام البرجوازية , و عبيدا لأساليبهم . لقد حولتم أنفسكم إلى برجوازية" . بالنظر إلى تجارب الشيوعية البلشفية أثناء السنوات الحالية تعرف البرجوازية على نحو كامل أن هذا الصنف الخاص من الاشتراكية لا يمكنه أن يتدبر أموره دون استخدام أساليبهم أو دون استخدامهم شخصيا . إنها تعرف أن استغلال و اضطهاد الغالبية العاملة متأصل في هذا النظام , و أن الحياة الشريرة للكسل لم تلق بعيدا في الاشتراكية , بل إنها فقط مجرد تنكر تحت اسم آخر قبل أن تنتشر و تتأسس مرة أخرى .

هذه هي الحقيقة ! عليك فقط أن تنظر إلى تخريب البلاشفة و احتكارهم لانتصارات الشعب الثورية ! انظر إلى جواسيسهم , بوليسهم , قوانينهم , سجونهم , سجانيهم , و جيوشهم من الوكلاء . إن الجيش "الأحمر" هو فقط نفس الجيش القديم تحت اسم جديد .

الليبرالية , الاشتراكية , البلشفية , هم ثلاثة إخوة يذهب كل منهم في طريق مختلفة لانتزاع السلطة على الإنسان . تستخدم هذه السلطة لإعاقة تقدم الإنسان نحو تحقيق الذات و الاستقلالية .

إلى التمرد !

هذه هي صرخة الثوري الأناركي للمستغلين . أيها الثائر , دمر كل حكومة و تأكد ألا تتأسس من جديد . تستخدم السلطة من قبل أولئك الذين لم يعيشوا بالفعل من عمل أيديهم . سلطة الحكومة لن تسمح للعمال حتى بملامسة الطريق إلى الحرية , إنها أداة الكسالى الذين يريدون السيطرة على الآخرين , و لا يهم إذا كانت السلطة في أيدي البرجوازية , الاشتراكيين , أو البلاشفة , إنها منحطة . لا توجد حكومة دون أسنان , أسنان لتمزق أي إنسان يتشوف إلى حياة حرة وعادلة .

أيها الأخ , اطرد السلطة بنفسك . لا تجعلها تستميلك أبدا أو تستميل إخوتك . إن حياة جماعية بالفعل لا تبنى بالبرامج أو بالحكومات بل بحرية الجنس البشري , بإبداعه و استقلاليته .

إن حرية أي فرد تحمل ضمنها بذرة مجتمع حر وكامل دون حكومة , مجتمع حر يعيش في تكامل عضوي و غير مركزي , متوحدا في سعيه إلى الهدف الإنساني العظيم : الأناركية الشيوعية !




(2)




الشيوعية الأناركية هي مجتمع عظيم في تناغم كامل . إنه يتشكل بشكل طوعي من الأفراد الأحرار الذين يشكلون جمعيات و اتحادات بحسب حاجتهم . تناضل الأناركية الشيوعية ضد كل الشرور و كل ظلم متأصل في الحكومات .

يهدف مجتمع حر غير محكوم إلى تجميل الحياة بالعمل الفكري و اليدوي . سيمتلك كموارد له كل ما أعطته الطبيعة للإنسان إضافة إلى ثروات الطبيعة التي لا تنضب , سيجعل الإنسان ثملا من جمال الأرض و منتعشا بحريته الخاصة التي صنعها هو بنفسه . ستسمح الأناركية الشيوعية للإنسان بتطوير استقلاله الإبداعي في كل الاتجاهات , سيكون أتباعها أحرارا و سعيدين بالحياة , يوجههم العمل الأخوي و التبادلية أو المقابلة بالمثل . لن تكون هناك حاجة لسجون , لجلادين , جواسيس أو عملاء , الذين هم جميعا نتاجا للبرجوازية و للاشتراكيين , لأنه لن تكون هناك حاجة للسارق و القاتل الغبي الذي هو الدولة . أعدوا أنفسكم أيها الإخوة لخلق هذا المجتمع ! أعدوا المنظمات و الأفكار ! تذكروا أنه يجب أن تكون منظماتكم سليمة من الهجوم . إن عدو حريتكم هو الدولة المشخصنة في خمسة أشخاص :

-         مالك الملكية

-         محب الحروب

-         القاضي

-         الكاهن ( أي رجل الدين – المترجم )

-         الأكاديميون الذين يشوهون الحقيقة عن الإنسان

هؤلاء الأخيرين يضعون "القوانين التاريخية" و "النماذج القانونية" , و يخربشون بشكل أملس أو بارع لكي يحصلوا على المال , إنهم مشغولون كل الوقت بمحاولة إثبات صحة مزاعم الأربعة الأوائل بالسلطة التي تؤدي إلى انحطاط الحياة البشرية .

إن العدو قوي . لقد صرف وقته لآلاف السنوات مراكما الخبرة في السرقة , العنف , الاستباحة و القتل . لقد مر بأزمة داخلية لكنه اليوم مشغول بتغيير مظهره الخارجي , لكنه يفعل ذلك فقط لأن حياته كانت مهددة من قبل معرفة جديدة ناشئة . هذه المعرفة الجديدة توقظ الإنسان من نومه الطويل , و تحرره من مواقفه المسبقة التي غرسها فيه هؤلاء الخمسة , مانحة إياه سلاحا ليقاتل في سبيل مجتمعه الحقيقي . هذا التغيير في المظهر الخارجي لعدونا يمكن رؤيته في الإصلاحية . لقد ظهرت لتحارب الثورة التي شاركت فيها . في الثورة الروسية , بدا أن الخمسة قد اختفوا من على وجه الأرض ... لكن هذا كان ظاهريا فقط . في الحقيقة لقد غير عدونا ملامحه مؤقتا و هو الآن يحشد مجندين جدد ليقاتلوننا . الشيوعية البلشفية هي كاشفة في هذا الصدد , لكن سيمر وقت طويل قبل أن ينسى هذا المذهب نضال الإنسان في سبيل الحرية الحقيقية .

الطريقة الوحيدة الموثوقة لشن نضال ناجح ضد الاستعباد هي الثورة الاجتماعية التي تشارك فيها الجماهير في نضال متواصل ( تطور ) . عندما تندلع أولا , تكون الثورة الاجتماعية بدائية . إنها تمهد الطريق لمنظماتها الخاصة فيم تحطم أي سد يقام ضدها بشكل اصطناعي . هذه السدود في الواقع تزيد قوتها فقط . يعمل الثوريون الأناركيون بالفعل من أجل هذا , و كل إنسان يدرك ثقل العبودية عليه , فإن عليه واجب مساعدة الأناركي , في نفس الوقت كل إنسان يجب أن يشعر أنه مسؤول عن كل الإنسانية عندما يناضل ضد خمسة الدولة . يجب على كل إنسان أن يذكر أيضا أن الثورة الاجتماعية ستحتاج إلى طرق مناسبة للتحقق , هذا صحيح خاصة للأناركي الذي يستكشف طريق الحرية . أثناء المرحلة التدميرية للثورة فيم يجري حظر العبودية و تبدأ الحرية بالانتشار في انفجار بدائي , فإن المنظمات و الطرق الحازمة ضرورية لضمان المكاسب . في هذه المرحلة تحتاج الثورة إليك بشكل اضطراري جدا . الثورة الروسية , التي لعب فيها الأناركيون دورا هاما ( الذي لم يستطع الأناركيون النهوض به لأنهم قد حرموا الفعل ) , جعلتنا ندرك حقيقة أن الجماهير التي حررت نفسها من قيودها لم تكن لديها الرغبة لوضع قيود على الآخرين من صنع مختلف . في زخمها الثوري فقد سعت هذه الجماهير على الفور إلى بناء منظمات حرة التي لن تساعد فقط في جهودها لبناء مجتمع جديد بل و التي ستدافع عنها ضد العدو . إذا نظرنا لهذه العملية عن قرب , فإننا نصل إلى استنتاج أن أفضل طريقة لخلق حرية جماعية جديدة هي "السوفييت الحر" . انطلاقا من هذا الاستنتاج سيدعو الثوري الأناركي المستعبدين للنضال في سبيل هذه الاتحادات الحرة . سيؤمن أن الثورة الاجتماعية ستخلق لذلك الحرية فيما تسحق العبودية في نفس الوقت . يجب تثمين هذا الإيمان و الدفاع عنه . الأشخاص الوحيدون الذين يمكن أن يكونوا جاهزين للدفاع عن هذا الإيمان هم الجماهير نفسها التي صنعت الثورة و التي تساوي حياتها بمبادئها . فيم تخلق الجماهير البشرية الثورة فإنها تبحث بشكل فطري عن اتحادات حرة و تعتمد على أناركيتها المتأصلة فيها , سوف تتمسك قبل أي شيء آخر بالسوفييت الحر . عندما تصنع الجماهير الثورة فإنها ستتعلق بإيجاد هذه السوفييتيات بنفسها و على الأناركي أن يساعد في صياغة هذا المبدأ .

الصعوبات الاقتصادية في المجتمع الحر ستحل من خلال تعاونيات المنتجين – المستهلكين و التي ستعمل السوفيتيات الحرة فيها كمنسقين و شارحين . يجب أن تكون طبيعة السوفيتيات الحرة أثناء الثورة الاجتماعية في توحيد و تقوية موقف الجماهير بحثهم على أن يأخذوا إرثهم الشرعي ( الأرض , المعامل , الورشات , مناجم الفحم و المعادن , السفن ,الغابات , الخ ) بأيديهم . فيم تشكل مجموعات وفقا للمصلحة أو الرغبة , ستبني الجماهير نسيجا اجتماعيا بالكامل بشكل حر و مستقل .

سيتطلب النضال في هذا الطريق تضحيات كبرى , لأنه سيكون الجهد الأخير لإنسان حر تقريبا . في هذا النضال لن يكون هناك أي تردد , و لا عواطف . الحياة أو الموت ؟ - هذا السؤال سيطرح أمام كل إنسان يكترث لحقوقه و أفراد البشرية أولئك الذين يناضلون من أجل حياة أفضل . فيم ستكون الأرجحية لغرائز الإنسان السليمة فإنه سينطلق على هذا الطريق إلى الحياة كمنتصر و كخالق .

نظموا أنفسكم أيها الإخوة , ادعوا كل فرد إلى قواتكم . ادعوه من المصنع , من المدرسة , ادعوا الطلاب و المثقفين . قد لن يأتي 9 من أصل 10 أكاديميين إليكم , و قد يتصادف أن يأتوا لكي يخدعوكم إذا كانوا خدما لخمسة الدولة . لكن الرجل العاشر سيأتي . سيكون صديقكم و سيساعدكم على التغلب على خداع البقية . نظموا أنفسكم , ادعوا كل فرد إلى قواكم , طالبوا كل الحكام أن يوقفوا غباءهم و معاملة الحياة الإنسانية بوحشية . إذا لم يكفوا , انزعوا سلاح البوليس , و الجيش و بقية منظمات دفاع الخمسة . أحرقوا قوانينهم و دمروا سجونهم , اقتلوا الجلادين , سم البشرية . دمروا السلطة ! ادعوا إلى قواكم الجيش المؤلف من كتائب التجنيد , هناك الكثير من القتلة في الجيش الذين هم ضدكم و الذين تتم رشوتهم ليقتلوكم . لكن هناك أصدقاء لكم حتى في الجيش . سيوقع هؤلاء البلبلة في عصابات القتلة و سيسارعون إلى جانبكم .

بعد أن تجمعوا أنفسكم في عائلة عالمية كبرى , أيها الأخوة , سنذهب أبعد في النضال ضد الظلام . وفقا للمثال الإنساني الشامل ! سنعيش كإخوة , و لن نستعبد أحدا . سيكون الرد على القوة الهمجية للعدو بقوة جيشنا الثوري . إذا لم يتفق أعداءنا مع مثالنا سنرد ببناء حياتنا التي تقوم على المسؤولية الفردية . فقط عدة مئات من المجرمين الذين ينتمون إلى الخمسة لن يرغبوا بالسير في الطريق إلى حياة جديدة بنشاط مثمر . سيحاولون قتالنا لكي يستعيدوا السلطة . و يجب أن يموتوا .


ليحيا المثال الأعلى للتناغم الإنساني الشامل , و نضال الإنسان في سبيله !
 ليحيا المثال الأعلى للمجتمع الأناركي !


 ***

نستور ماخنو: أناركي أوكراني شارك في الأحداث العاصفة لثورة أكتوبر و شكل جيشا فلاحيا – عماليا قام بحرب الأنصار ضد الحرس الأبيض و جيوش التدخل الخارجي و القوميين الأوكرانيين . رغم دوره الكبير في هزيمة كل هؤلاء قام الحكم الجديد بسحق الجيش الماخنوفي بقيادة مباشرة من تروتسكي . لعب بعد ذلك دورا هاما في صياغة تجارب الأناركيين الروس في الثورة الروسية .   

مصادر :
http://www.nestormakhno.info/index.htm

.... تابع قراءة التدوينة

عن الابداع الايدلوجى





لعل الكثير منا قد قرأ عن الكلاسيكيات الماركسية والميكافيلية والفاشية وغيرها من الايدلوجيات ، اى ايدلوجية هى من صُنع آدمى بشر مثلة مثلنا ؛ ولكنه تميز عنا بعبقريته ورؤياه المُستنيرة التى منها قد خدم البشرية جمعاء وأفادها، ومنها من دمر وهدم وحرق

عندما تقرأ مثلا فى الفكر الماركسى تجد من أحدى أساسياته ،المادية الدياليكتية او المادية الجدلية و ديكتاتورية البروليتاريا .. هذه أسس قد بُنى ماركس عليها باقى أفكارة حتى تكتمل نظريته ،  وأدعى ايضاً الدين هو الاداه التى اخترعها البرجوازيون ، لخداع العُمال والطبقات الكادحة ، كى تنتج لهم المزيد من الأرباح وزيادة رأس المال .. وان الدين هو آفيون الشعوب
اذ انه هو المُخدر الذى يُغيب الناس عن التفكير فى شئونهم والتطلع لما هو أفضل ، اى السعى وراء حقوقهم وبالاحرى ثورتهم ضد الرأسمالية ..

نتوقف هنا للحظات ، اذا انت حقاً قد اقتنعت بالفكر الماركسى ولديك عقيدة مُترسخة فى ذاتك سواء أكنت مُسلم أو قبطى أو اى عقيدة كانت .. هل ستتخلى عن عقيدتك لمجرد ان الماركيسية لا تعترف بالاله ؟ 
قطعاً لا ، الا اذا كنت من اللادينيين الملحدين ، وهذا أمراً أخر ..
ارى ان الاجابة البديهة هى .. قطعاً لن اتنازل عن عقيدتى حتى أكون ماركيسياً مُكتمل ! .. وليس عيباً أن تُطور أنت فى الفكر الماركسى نفسة ،بالأحرى ان تنتقى منه ما يتوافق مع مبادئك وتترك ما هو مخالف لعقيدتك او أفكارك او .. إلخ ،،
فيجب الحُكم على الايدلوجية من منظور شخصى خالص .. وهذا هو الابداع .


ومثالا أخر .. عن الليبرالية مثلا ، فهى أيدلوجية يعتبرها الكثير انها من أسمى درجات الُحرية لدى الفرد ، وعن قناعة تامة يؤيدون منطق " أنت حر أن لم تضر "!  كيف ؟! .. كيف انت حُر ان لم تضر ، هل من الليبرالية ان أشاهد شخصاً ما يزنى فى الطريق وعلى مرآى ومسمع الجميع ! وبناءاً عليه وبما انك شخص ليبرالى فليس لك الحق ان تُعقب على هذا .. أتريد ان تتحدث فى هذا الشأن وانت من مبادئك ان هذا الشئ هو بمثابة حادث طبيعى فالجميع أحرار طالما لا يضروننى ..
الأخلاق هى جزء لا يتجزأ من الأيدلوجية يا سادة ، الأخلاق هى الآداة التى من خلالها نستطيع ان نحكم على أفعالنا ، تختلف  او تتفق مع غيرك من خلالها .. فهى ضرورية جداً واذ فُصلت عن اى فكر أيدلوجى كان .. سيسود الفساد والفحشاء دون آدنى تعقيب من المواطنين على ذلك ..
اذ انه أصبح من الطبيعى الزنى فى الطُرقات وأنت شاهدت هذا بأم عينك ولم تعقب او تمنع ذلك ، وانت تعلم انه هذا يخدش حياءك ولكن دون جدوى - فالايدلوجية لا تتفق مع هذا الاعتراض ولكى تكون كامل الليبرالية فليمر هذا الموقف مرور الكرام
ومنها سترى العديد يقبلون على ممارسة الزنى ، نظراً لانهم مقتنعون تماماً ان لا أحدا له الحق فى مسائلتهم او مضايقتهم .. 


ما هذا الفكر المادى البحت ! .. اين الجانب الابداعى اين عقلك وأفكارك ..
ليس بالضرورة طالما أقتنعت بأيدلوجية ما أن أطبقها بحزافيرها .. فلى عقيدة ولى مبدأ ولى توجة فكرى مُعين ، فلتجعله آداة للقياس لتحكم به على الايدلوجية التى توافقت معك ..


كل ما أريد قوله هو ان تُفتش عن أفكارك المدفونة بداخلك ولا تُسلم بالنظريات ،لأنها ليست مُنزلة من السماء .. بل هى من صُنع آدميون ، فهى قابلة للصواب وقابلة للخطأ . أترك مدلولك الداخلى يُحركك نحو الصواب ، بالربط مع جانبك الاخلاقى .. لتتعرف وتتفهم على ما يدور وراء الكواليس ..
.... تابع قراءة التدوينة

الواقع الكذاب - مصطفى محمود


ما نراه فى الواقع ليس دائماً هو الحقيقة ..
حتى ما نراه رأى العين ونلمسه لمس اليد ..
فنحن نرى الشمس بأعيننا تدوى كل يوم حول الأرض، ومع ذلك فالحقيقة أن العكس هو الصحيح ، والأرض هى التى تدور حول الشمس .
ونحن نرى القمر فى السماء أكبر الكواكب حجماً، مع أنه أصغرها حجماً .
ونحن نلمس الحديد فنشعر بأنه صلب متدامج، مع انه فى الحقيقة عبارة عن ذرات منثورة فى فراغ مُخلخل،وبين الذرة والذرة كما بين نجوم السما بُعداً .. وما يُخيل لنا باللمس أنه صلابة وتدامج هو فى الحقيقة قوى الجذب المغنطيسى الكهربائى بين الذرة والذرة .. نحن نلمس القوانين بأصابعنا وليس الحديد !
ونحن ننظر الى السماء على أنها فوق ، والأرض على انها تحت، مع انه لا يوجد فوق ولا تحت .. والسماء تُحيط بالأرض فى كل جوانبها .
والهرم بالنسبة لنا شئ لا يمكن إختراقة، مع انه بالنسبة للأشعة الكونية شفاف كلوح الزجاج، ترى من خلاله وتنفذ من خلاله .
وصقيع القطبين الذين نظن أنه غاية فى البرودة هو بالنسبة لبرودة أعماق الفضاء جحيم مُلتهب .
وفى الحقائق الانسانية تكذب علينا العين واللسان والأذن أكثر وأكثر .. فالقُبلة التى تصورناها فى البداية مشروع حب نكتشف فى النهاية أنها كانت مشروع سرقة .
وجريمة القتل التى أحس الجميع بأنها ذروة الكراهية يكتشف الجميع أنها ذروة حب .
وما قد يبدو للزوج أنه خيانة من زوجته لفرط إحساسها بجمالها قد يكون الدافع الحقيقى له هو احساس الزوجة بقبحها وشعورها بالنقص، تحاول الخلاص منه باستدراج إعجاب الرجال ، والانتقال من خيانة الى اخرى .
وما تكتب عنه الجرائد بالإجماع على أنه بطولة قد يعلم البطل نفسه أنه كان انتحاراً .
وفى الحقائق الاجتماعية تتعقد الأمور أكثر، ويغرق الحق فى شبكة من التزييف تشترك فيه كل الارادات، ويصبح الحكم على الأمور بظاهرها سذاجة لا حد لها.
وفى الحقائق التاريخية يكتب المؤرخون فى كل عصر ومن ورائهم السُلطة، وتكتب أقلامهم ما يريد الأقوياء أن يقولوا .
وما أصعب الوصول الى الحقيقة ..
ان الوصول الى المريخ أسهل من الوصول الى حقيقة أكيدة عن حياة وردة تتفتح كل يوم عند نافذتك .. بل ان الوصول الى أبعد نجم فى متاهات الفضاء أسهل من الوصول الى حقيقة ما يهمس فى قلب امرأة على بعد شبر منك .
بل أن عقولنا تزين علينا حتى عواطفنا نفسها، فنظن أن حب المجد يدفعنا والحقيقة أنه الغرور وحب الذات .. ونظن أن العدالة هى التى تدفعنا الى القسوة فى حين أن الذى يدفعنا هو الحسد والحقد .
من الذى يستطيع أن يقول .. لقد أدركت الحقيقة ؟
من الذى يجرؤ أن يدعى أنه عرف نفسه ؟
ليس من باب التواضع أن نقول .. الله أعلم .
وانما هى الحقيقة الوحيدة الأكيدة فى الدنيا .. إننا نجهل كل الجهل حتى ما يجرى تحت أسماعنا وأبصارنا .
وبرغم جهلنا يتعصب كل فريق لرأى .. وقد تصور كل واحد أنه أمتلك الحق ، فراح ينصب المشانق والمحارق للآخرين .
ولو أدركنا جهلنا وقدرنا لا نفتح باب الرحمة والحب فى قلوبنا ، ولأصبحت الحياة على الأرض جديرة بأن نحياها .
متى نعرف أنّا لا نعرف ؟!
.... تابع قراءة التدوينة

بكره .. أكيد





ياليل ما تغور بقى وروّح
واتركلى قمرك الساهر
اسهر انا .. ما اشبع غنا
ويا نجمة حلفت ما مروح

بحلم واتأمل النِسمة
ترسم على وشك البسمة
وآدوب فيكى ليالى طوال
تفرحنا ما تتعسنا
تقوينا ما تضعفنا
تفوقنا ما تنعسنا

واقول آسف يا دى الاوهام
انا راجع على الميدان
يا نور الكلمة فى حروفنا
يا محبوبتى ،، يا مش اوهام !

وآخر القول.. ف يوم لينا
ولو نغفل .. يصحينا

نعيش ونموت
بعلو الصوت
بقولة حق
يكون بكرة .. اكيد لينا

.... تابع قراءة التدوينة

الحان صامتة



هربت حروفى من كلمتى
وانا قلمى حبرُه  دمعتى
الصبر صار
زى الحِصار
مابين دموعى .. وفرحتى
.... تابع قراءة التدوينة

راجعين



فتح مخك وارسى ياعم
واعرف راسك من رجليك
شوف مين بَدَل الحلم بِدم
فتش .. دور من حواليك

شوف كام واحد مات وسطينا
والشيخ عفت قبليه مينا
راحوا فداكى يا ضى عنينا
مصر الشعب .. مش الصعاليك

زى ما قولنا بصوت مسموع
قولة الحق ماعنها رجوع
ولا أوجاع وآسف وخنوع
ولا متخبى ورا الشبابيك

راجعين يوم 25
.... تابع قراءة التدوينة

تاه النهار



الحق ضايع فى زمان مسروق
تاه النهار وخلاص ماعادله شروق
مادريت يا خلى ده اللُقىّ والا الوداع
غَرَقنا بحر الوهم
بحر الحقوق 
.... تابع قراءة التدوينة

ليون تروتسكى






 طالما بقيت على قيد الحياة سأناضل من أجل المستقبل، ذلك المستقبل البراق حيث يكون الإنسان أقوى وأجمل، ويصبح سيدًا لحركة التاريخ العلوية، ليدفعه نحو أفق من الجمال اللا محدود والمتعة والسعادة..
كان ليون تروتسكي يبلغ من العمر إحدى وعشرين عامًا عندما كتب هذه الكلمات، ولم يكن يدري أنه في غضون سنوات قليلة سيصبح واحدًا من ألمع القادة البلاشفة في ثورة أكتوبر 1917.
في 26 أكتوبر 1879 ولد ليف دافيدوفيتش برونشتاين (الاسم الحقيقي لتروتسكي) لأسرة يهودية في أوكرانيا، وكان أبوه فلاحًا غنيًا، وإلا لما استطاع تروتسكي أن يحصل إلا على قدر ضئيل من التعليم في بلد كانت حكومته تشجع معاداة السامية ومذابح اليهود، وبعد فترة من الرومانسية الثورية أصبح تروتسكي ماركسيًا، وقبض عليه للمرة الأولى في سن التاسعة عشر وحكم عليه بالنفي إلى سيبيريا بعد قضاء 18 شهرًا في اسجن، ولكنه هرب في 1902 ومنذ ذلك الوقت وحتى موته أصبحت الثورة مهنته.
 حلق نجم تروتسكي عاليًا في ثورة 1905 عندما قاد جماهير العمال في سوفييت بتروجراد، وطور أعظم مساهماته في النظرية الماركسية – نظرية الثورة الدائمة، وكان يبلغ من العمر آنذاك 26 عامًا، ونكتفي هنا بالقول أن عبقرية تروتسكي قد قادته في سن مبكرة لاكتشاف المسار التاريخي لثورة ظافرة في البلاد المتأخرة اقتصاديًا. حيث تستطيع الطبقة العاملة المنظمة قيادة جماهير الفلاحين الفقراء نحو الثورة الاشتراكية نتيجة لطبيعة التطور اللامتكافئ والمركب الناتج عن توسع الإمبريالية في تلك البلاد، وأن هذه الثورة – لكي تستطيع أن تزيح الروث البرجوازي بكامله عليها أن تمتد نحو آفاق الثورة العالمية.
قبل ذلك بعامين خاض تروتسكي معركة حامية الوطيس ضد لينين عندما انقسم البلاشفة والمناشفة في مؤتمر 1903 حول مسألة العضوية والمركزية الديمقراطية، تبنى تروتسكي موقف المناشفة ووجه نقدًا لاذعًا ضد "بونابرتية" لينين المركزية. فمثل روزا لوكسمبورج كان تروتسكي يعتقد أن تطور النضال الجماهيري للمال سينتج عنه تطور وعي البروليتاريا لتلعب دورها السياسي المستقل، وأن الحزب الثوري سيكون بالأساس انعكاسًا لتطور وعي الطبقة العاملة. ولكن يبدو أن ثورة فبراير 1905 واستتباعاتها قد أقنعت تروتسكي بصحة آراء لينين بأن منظمة طليعية متجانسة سياسيًا مثل البلاشفة هي وحدها التي تستطيع أن تدفع الحركة العفوية للصراع الطبقي نحو الاستيلاء على سلطة الدولة. في أطروحات إبريل 1917 تبنى لينين نظرية الثورية الدائمة وكان ذلك وراء انضمام تروتسكي إلى البلاشفة في صيف 1917، ولكن بدون البلاشفة كانت نظرية الثورة الدائمة ستظل رغم كل مواهب تروتسكي كقائد جماهيري، بناءًا نظريًا مجردًا يفتقد الآليات القادرة على تحقيقه.
بعد موت روزا لوكسمبورج كتب لينين في رثائها: "أحيانًا ما تطير النسور في مستوى أقل من الدجاج، ولكن يستحيل أن يرتفع الدجاج إلى قسم النسور"، أكد لينين أن روزا لوكسمبورج رغم كل أخطائها كانت نسرًا، نفس الشيء ينطبق على تروتسكي عند مارنة موقفه في 1903 بصعوده المدهش خلال ثورة 1905.
انضم تروتسكي إلى الحزب البلشفي في يوليو 1917 – الذي أصبح حزبًا جماهيريًا بحلول ذلك الوقت – وبقوة شخصيته وموهبته وسمعته أصبح تروتسكي في غضون أسابيع قليلة الرجل الثاني، بعد لينين، في قيادة الجماهير المؤيدة للحزب. تولى تروتسكي مهمة التنظيم الفعلي لانتفاضة أكتوبر، وأصبح وهو في الثامنة والثلاثين من العمر من أهم قيادات الحزب والدولة، وبعد ذلك بفترة وجيزة، أحد أهم قيادات الحركة الشيوعية العالمية – الاسمية الشيوعية. وكان إلى جانب ذلك كله مؤسس وقائد الجيش الأحمر وذا تأثير واسع في كل مجالات الحياة السياسية.
لم يتعرض واحد من قادة البلاشفة لمثل التشويه والهجوم الذي تعرض له تروتسكي، فلا يخلو إصدار تقريبًا لدار التقدم من صفحة أو اثنتين عن تروتسكي عميل الفاشية والمعادي للثورة الاشتراكية. إن هذا التزييف والتشويه لواحد من أهم قيادات الثورة الاشتراكية يمثل في الحقيقة أحد جوانب الثورة المضادة منذ سيطرة البيروقراطية بقيادة ستالين على الحزب والدولة، ومنذ بدأ تروتسكي سلسلة جديدة من النضالات دفاعًا عن مبادئ أكتوبر والثورة البروليتارية العالمية.
ففي مواجهة سيطرة البيروقراطية بعد تطور السياسة الاقتصادية الجديدة، أسس تروتسكي المعارضة اليسارية في 1923، وقد وصف تروتسكي نفسه الخلفية التي قامت عليها المعارضة اليسارية قائلا:
"على أساس السياسة الاقتصادية الجديدة، عادت إلى الظهور شريحة واسعة من البرجوازية الصغيرة في المدن، وانتعش الليبراليون من جديد. وفي الريف استطاع الكولاك – أغنياء الفلاحين – أن يرفعوا رؤوسهم. ثم قامت قطاعات كبيرة من المسئولين الحكوميين، تمامًا لأنهم أصبحوا سلطة فوق الجماهير، بالتقرب من الشرائح البرجوازية، وأقاموا علاقات عائلية معهم".
لقد قامت المعارضة اليسارية في مواجهة الطبقات التي صعدت مع السياسة الاقتصادية الجديدة – البيروقراطية، ورجال النيب (السياسة الاقتصادية الجديدة)، والكولاك (أغنياء الفلاحين) – وكانت تهدف إلى مقرطة الحزب وتخفيض الجهاز البيروقراطي والتوسع في التصنيع من خلال الضغط المالي على الكولاك ورجال النيب لمواجهة البطالة وإحياء الطبقة العاملة اقتصاديًا وسياسيًا وبالتالي خلق أساس الديمقراطية السوفيتية.
وقوبل تروتسكي بالرفض القاطع من رجالات الحزب والدولة – جناح ستالين – لأطروحاته، ومع إعلان "الاشتراكية في بلد واحد" في 1928 التي بلورت تمامًا اتجاه ستالين إلى نظام رأسمالية الدولة نفي تروتسكي من روسيا، واندفعت الطبقة الحاكمة في حملة من التشويه ضد الجنرال الأعزل.
ومع ذلك ظل تروتسكي يتقد طيلة حياته أن روسيا لا زالت دولة عمالية ولكنها مشوهة بيروقراطيًا. لن نخوض طويلاً في خلفيات هذا الموقف لضيق المجال ولكن يكفي أن نقول أن كتاب تروتسكي نفسه "الثورة المقدورة" يكاد يعلن أنها رأسمالية دولة. إن خطأ تروتسكي في تمسكه بنظرية الدولة العمالية المنحطة بيروقراطيًا يعود إلى تحليله الخاطئ للأوضاع في روسيا استنادًا إلى شكل ملكية رأس المال، وليس إلى مضمونها، حيث اعتقد بأن ملكية الدولة لوسائل الإنتاج (التأميم) يعني ملكية المجتمع (الملكية الاشتراكية)، وبالإضافة إلى ذلك تصور أن البيروقراطية لا يمكن أن تشكل طبقة حاكمة تحركها مصالحها الخاصة في منافسة مع طبقات حاكمة وأخرى وأعتقد أنها لا يمكن إلا أن تمثل مصالح طبقة اجتماعية محددة، وحيث أن الطبقة الحاكمة قد تم القضاء عليها، وأن الطبقة العاملة قد صفيت بسبب الحروب والمجاعة فإن البيروقراطية معلقة في الهواء، تتردد أحيانًا نحو اليمين بتأييد رجال النيب والكولاك وأحيانًا نحو اليسار بالتجميع القسري في الزراعة. وبالطبع – اتساقًا مع هذا المنطق – فإن هذا الوضع مؤقت بطبيعته إلى أن تقوم الطبقة العاملة بثورة سياسية تعيد إليها السيطرة على وسائل الإنتاج.
ولكن البيروقراطية – على حد تعبير توني كليف – لعبت في الواقع دور التشخيص الأمثل لرأس المال، فقضت على بقاسا السيطرة العمالية على الإنتاج، وأخضعت استهلاك الطبقة العاملة لمصالح التراكم التنافسي مع الطبقات الحاكمة في الغرب، واستخدمت نفوذها السياسي في الحصول على مكاسب اقتصادية من خلال أبشع وسائل استغلال واستنزاف جماهير العمال والفلاحين. ودعمت ذلك كله من خلال جهاز دولة قمعي ومستبد. إن التأميم تحت سيطرة البيروقراطية كان يخدم رأس المال وليس له علاقة بالتأميم تحت سيطرة العمال (سيطرة الطبقة العاملة على وسائل الإنتاج) الجوهر الحقيقي للثورة العمالية.
إن النسور لا تهدأ وإن كانت على قمم الجبال، فهي دائمًا تنظر إلى البعيد، وتحلق في كل اتجاه مهما اشتدت العواصف، ورغم أن تروتسكي قد تحطمت أجنحته مع انحطاط الثورة الروسية إلا أنه ظل يحدق في البعيد ويستخدم ريشته بإتقان، هاجم تروتسكي المقولة الزائفة عن إقامة الاشتراكية في بلد واحد، وأصر على أن مصير الاشتراكية مرتبط بالثورة البروليتارية العالمية وظل يناضل حتى آخر قطرة من دمه – الذي أريق غدرًا على يد أحد عملاء ستالين بالمكسيك – ضد خيانات الستالينية لحركة الطبقة العاملة العالمية وخزعبلاتها المدمرة.
كان تروتسكي أشد المدافعين حدة عن استقلال حركة الطبقة العاملة كما اتضح من موقفه من الثورة الصينية 25 / 1927 عندما دعا ستالين وبوخارين بعد سيطرتهم على الأممية الثالثة الحزب الشيوعي الصيني إلى الدخول في تحالف مع الكومنتانج – الممثل للجناح الوطني من البرجوازية الصينية والذي منح عضوية شرفية في الأممية الشيوعية – من أجل إنجاز "الثورة الوطنية الديمقراطية" لتحرير الصين من الاستغلال الأجنبي، كان تروتسكي قد جرد تمامًا من أي تأثير سياسي داخل الحزب الروسي بعد سيطرة الجناح البيروقراطي بقيادة ستالين، رغم أنه لم يزل عضوًا في المكتب السياسي، طالب تروتسكي بانسحاب الحزب الشيوعي الصيني من حلف الكومنتانج في إبريل 1926، وبنفس الحدة والوضوح العبقري الذي ظل يلازمه طوال حياته كتب تروتسكي تعليقًا على التحالف الرباعي الذي قاده الكومنتانج بمباركة ستالين والحزب الشيوعي الصيني تحت واجهة الثورة البرجوازية الديمقراطية (تحالف بين البرجوازية والبرجوازية الصغيرة المدينية والعمال والفلاحين):
".. ما معنى ذلك على أي حال – كتلة من أربع طبقات؟! هل واجهنا هذا التعبير في التراث الماركسي من قبل؟! إذا قادت البرجوازية جماهير المقهورين تحت لافتة برجوازية واستولت على سلطة الدولة من خلال هذه القيادة، إذن فذلك ليس تكتلا ولكنه استغلال البرجوازية السياسي لجماهير المقهورين..".
وغني عن الذكر أنه بعد انتصار الطبقة العاملة على نظام لوردات الحرب أمر الكومنتانج بنزع سلاح العمال ولم يبد الحزب الشيوعي الصيني مقاومة تذكر، وكانت النتيجة تعرض عناصر الحزب الشيوعي للذبح واستئصال الحركة العمالية على أيدي الكومنتاج البرجوازي.
كانت سيطرة ستالين ومجموعته على الاسمية الشيوعية تتحدد بعاملين، أولا باحتياجات جناح ستالين في الصراعات الداخلية في الحزب في الاتحاد السوفيتي، ثم بعد ذلك، باحتياجات السياسة الخارجية لحكومة ستالين. فبعد فترة وجيزة من التذبذب "اليساري" في 1924، اندفع الكومنترن (الأممية الشيوعية) في اتجاه اليمين حتى عام 1928، ثم تطرف يساري من 1928 إلى 1934 وأخيرًا نحو اليمين في فترة الجبهة الشعبية من 1935 إلى 1939، وجه تروتسكي انتقادات عنيفة للكومنترن في كل تردداته، وأثبتت الأحداث اللاحقة بعد نظره. في بريطانيا اندفع الحزب الشيوعي وراء قيادات النقابات بتوجيهات اللجنة النقابية الأنجلوسوفيتية، وكانت النتيجة أن فشل الحزب في كسب تأييد الطبقة العاملة بعد خيانة القيادات النقابية لاضطراب 1926 في بريطانيا.
وفي صيف 1928 قامت الأممية الشيوعية بتحول جديد، هذه المرة نحو التطرف اليساري من النوع البيروقراطي حيث تم تجاهل الظروف المحلية للأحزاب الشيوعية في البلاد المختلفة، كان ذلك يعني في الممارسة أنه في عصر صعود خطر الفاشية خاصة في ألمانيا اعتبرت أحزاب الأممية أن الاشتراكيين الديمقراطيين – الجناح الإصلاحي في الحركة العمالية آنذاك – هم العدو الرئيسي. ووضعت في سلة واحدة الاشتراكيين الديمقراطيين والنقابات العمالية التابعة لهم مع الفاشية. وتمتعت كتابات تروتسكي حول الفاشية بوضوح عبقري وسعة أفق متميزة نادرصا ما توفرت لأي ماركسي آخر، فقد كتب عن ألمانيا:
".. إن النمو الهائل للاشتراكية الوطنية (الفاشية) هو تعبير عن عاملين: أزمة اجتماعية عميقة تدفع جماهير البرجوازية الصغيرة إلى حالة من عدم التوازن، وافتقاد حزب ثوري يمكن أن تعتبره الجماهير اليوم القيادة الثورية المعترف بها. فإذا كان الحزب الشيوعي هو حزب الطموح الثوري، فإن الفاشية كحركة جماهيرية هي حزب الإحباط المضاد للثورة، وعندما يهيمن الطموح الثوري على جماهير البروليتاريا، سيجر وراءه بالضرورة على الطريق الثوري قطاعات من البرجوازية الصغيرة، وبالضبط في هذا المجال بينت الانتخابات (الألمانية) العكس: فالإحباط المضاد للثورة هيمن على جماهير البرجوازية الصغيرة بالقوة التي استطاعت أن تجر وراءها قطاعات كبيرة من البروليتاريا.
أصبحت الفاشية في ألمانيا خطرًا حقيقيًا كتعبير حاد عن الوضع المأزوم للنظام البرجوازي والدور المحافظ للاشتراكية الديمقراطية والعجز التاريخي للحزب الشيوعي في القضاء عليها. إن من ينكر ذلك إما أن يكون أعمى أو مغرور".
في مواجهة ذلك دعا تروتسكي أن تقوم الطبقة العاملة بالدفاع المنظم عن نفسها ضد خطر الفاشية من خلال تكتيك الجبهة المتحدة، وذلك بهدف توحيد أحزاب الطبقة العاملة حول مهمة دفاعية ضد خطر الفاشية. رفض الكومنترن ذلك تحت خطابة يسارية زائفة تخفي ضعفهم الحقيقي، ونتيجة لذلك وصل هتلر إلى السلطة وانهارت الحركة العمالية.
بعد انتصار هتلر اندفعت الطبقة الحاكمة في الاتحاد السوفيتي إلى التحالف العسكري مع القوى الغربية المسيطرة آنذاك فرنسا وبريطانيا، واتجهت الأممية الشيوعية من جديد إلى اليمين، فصرح المؤتمر السابع والأخير للأممية في 1935 أن الثورة ليست على جدول الأعمال ونادى بـ"الجبهة الشعبية المتحدة للنضال من أجل السلام.. وكل من يهمهم أمر الحفاظ على السلام يجب جذبهم إلى هذه الجبهة".. وكان من بين هؤلاء بالطبع الطبقات الحاكمة في فرنسا وبريطانيا. وكان نتيجة ذلك إخضاع مصالح الطبقة العاملة للإمبريالية والطبقات الحاكمة المحلية، والأهم للسياسة الخارجية للستالينية.
ولم يقتصر دور تروتسكي على إيضاح النتائج الكارثية لهذه السياسة وإنما حاول بشكل مباشر تنبيه الأحزاب الشيوعية التي اتبعتها إلى مخاطر تذيل البرجوازية، كما حدث في أسبانيا وفرنسا – كتب تروتسكي في 1937:
"كانت البروليتاريا الأسبانية من ناحية أهميتها في الحياة الاقتصادية للبلاد ومستواها الثقافي والسياسي في أول أيام الثورة تفوق البروليتاريا الروسية في بداية 1917. ولكن منظماتها الخاصة كانت العقبة الرئيسية في طريق انتصارها... فنتيجة لنشاطهم (الستالينين وحلفائهم) تم إخضاع معسكر الثورة الاجتماعية – العمال والفلاحين – لمصالح البرجوازية". وأضاف:
"إن الجبهة الشعبية، بتبنيها مهمة إنقاذ النظام الرأسمالي، حكمت على نفسها بالهزيمة، ونجح ستالين من خلال قلب البلشفية رأسًا على عقب، في القيام بدور حفار قبر الثورة".
كتب تروتسكي في يومياته في 25 مارس 1935:
"أعتقد أن العمل الذي أقوم به الآن، رغم عدم كفايته وتفتته، لهو أهم عمل أقوم به في حياتي، أهم من 1917، وأهم من فترة الحرب الأهلية أو أي شيء آخر... هكذا لا أستطيع أن أتكلم عن ضرورة أعمالي حتى في الفترة من 1917 إلى 1921، ولكن عمل الآن لا غنى عنه بكل معنى الكلمة... لا يوجد أحد غيري ليقوم بمهمة تسليح الأجيال الجديدة بالمنهج الثوري رغم أنف قيادات الأممية الثانية والثالثة".
إن السبيل الوحيد للحفاظ على التراث الماركسي الثوري، للحفاظ على الماركسية، هو تطبيق هذا التراث على الصراع الطبقي، إن جوهر الماركسية هو وحدة النظرية والممارسة، لقد استكمل لينين وروزا لوكسمبورج وتروتسكي مهمة ماركس وانجلز، والاستمرار لا يعني التكرار، ولكنه يعني استخدام تعاليم الأجيال السابقة في التفاعل مع القضايا الجديدة التي يطرحها الواقع.
وعلى الرغم من أن أعمال تروتسكي في الفترة من أواخر العشرينات إلى 1940 كانت كما قال هو شخصيًا أهم أعماله، لأنه أبقى على شعلة البلشفية وربى أجيالا متماسكة حول التراث الماركسي الأصيل إلا أنه وقع في عدة أخطاء استراتيجية: أهمها كان تأسيسه للأممية الرابعة على أساس تحليل خاطئ للوضع العالمي، فمن ناحية لم يكن لأتباع تروتسكي قاعدة تذكر في أوساط الطبقة العاملة التي كان يسيطر عليها الأحزاب الستالينية والاشتراكية الديمقراطية، فجاءت الأممية من أوساط برجوازية صغيرة – حلقات صغيرة – منعزلة وفوقية. ومن ناحية أخرى كان تروتسكي يرى أن أزمة النظام الرأسمالي في ذلك الوقت هي أزمته الأخيرة وأن الطبقة العاملة قريبًا ستثور من جديد وبالتالي جاء خطأ تروتسكي الثاني وهو صياغة البرنامج المطلبي الانتقالي للأممية الرابعة الذي اعتمد على إفلاس النظام الرأسمالي وأزمته الاقتصادية والاجتماعية.
إن كتابات تروتسكي في السنوات من 1928 إلى 1940 – المقالات والكتب حول التطورات في ألمانيا وفرنسا وأسبانيا تعد من أروع الأدبيات الماركسية، وتوضع في مصاف أفضل كتابات ماركس التاريخية، الثامن عشر من برومير لويس بونابرت" و"الصراع الطبقي في فرنسا"، فلم يقتصر تروتسكي على تحليل المواقف، ولكنه وضع خطا واضحا لحركة البروليتاريا.
ومن ناحية أخرى يتجاوز كتاب تروتسكي تاريخ الثورة الروسية أي كتابات تاريخية ماركسية أخرى، فهو يعتبر مأثرة فنية تحليلية غير مسبوقة في عناها وجمالها.
إن أجيالاً من الماركسيين في الحاضر والمستقبل سيحملون شعلة الثورة التي تركها لينين ولوكسمبورج وتروتسكي وتراث كوميونة باريس والثورة الروسية في 1905 و1917 والثورة الصينية في 25 – 1927 واثورة الأسبانية.. إلخ. إن إسهامات تروتسكي دين في أعناقنا، فبدون معارضته لستالين، وبدون أمميته، وبدون تراث "الاشتراكية من أسفل"، بدون ذلك كله لكان ارتباط الاشتراكية بالتحرر الذاتي للطبقة العاملة مهددًا بالضياع.



المصدر : مركز الدراسات الاشتراكية
.
.... تابع قراءة التدوينة

مذهب كارل ماركس ـ الفلسفة ـ " فلاديمير لينين "





الماركسية هي منهج أفكار ماركس ومذهبه. لقد تابع ماركس وأتم على نحو عبقري التيارات الفكرية الرئيسية الثلاثة في القرن التاسع عشر والتي تعزى إلى البلدان الثلاثة الأكثر تقدما في العالم: الفلسفة الكلاسيكية الألمانية والاقتصاد السياسي الكلاسيكي الانجليزي و الاشتراكية الفرنسية المرتبطة بالتعاليم الثورية الفرنسية بوجه عام. إن ما تتصف به أفكار ماركس من منطق رائع وانسجام تام إنما يعترف به له حتى خصومه. وتؤلف أفكار ماركس بمجموعها المادية الحديثة والاشتراكية العلمية المعاصرة بوصفها نظرية الحركة العمالية وبرنامجها في جميع البلدان المتمدنة في العالم. كل هذا يحملنا على أن نقدم لعرض المضمون الرئيسي للماركسية، مذهب ماركس الاقتصادي، بلمحة موجزة عن مفهموه للعالم بوجه عام.
المادية الفلسفية:

كان ماركس قد أصبح ماديا منذ 1844–1845 أي في الفترة التي تكونت فيها أفكاره: لقد كان، بوجه خاص، من أتباع فيورباخ. و لم يقرأ ماركس بما عند فيورباخ من نقاط ضعف حتى فيما بعد إلا من حيث عدم الكفاية في منطق ماديته وشمولها. لقد كان يرى أن الشأن التاريخي العالمي لفيورباخ الذي “شغل دهرا” قائم بالضبط على مقاطعته النهائية لمثالية هيغل وتوكيده للمادية، هذه المادية التي “لم تكن في القرن الثامن عشر وخصوصا في فرنسا نضالا ضد المؤسسات السياسية الراهنة وكذلك ضد الدين واللاهوت وحسب بل أيضا… ضد كل ميتافيزية” (بمعنى “التأملات المخمورة” وبخلاف “الفلسفة المعقولة”) (كتاب “العائلة المقدسة” في “التركة الأدبية”)[1]. وكتب ماركس أيضا: “يرى هيغل أن حركة الفكر، هذه الحركة التي يشخصها ويطلق عليها اسم الفكرة، هي الاله (الخالق، الصانع)… أما أنا فإني أرى العكس: إن حركة الفكر ليست إلا انعكاسا لحركة المادة منقولة إلى دماغ الإنسان ومتحولة فيه” (“رأس المال” المجلد الأول. توضيح في آخر الطبعة الثانية)[2]. وعلى نحو تام الانسجام مع فلسفة ماركس المادية هذه كتب فريدريك انجلس عند شرحه لها في كتابه “ضد دوهرنغ” الذي قرأه ماركس قبل الطبع يوم كان مخطوطة: “إن وحدة العالم ليست في كيانه… بل في ماديته. وهذه المادية قد أثبتها… تطور طويل وشاق للفلسفة وعلوم الطبيعة… الحركة شكل وجود المادة. لم يوجد قط ولا يمكن أن يوجد أبدا في أي مكان مادة بدون حركة و لا حركة بدون مادة… ولكن إذا تساءلنا… عن ماهية الفكر والمعرفة و عن مصدرهما نجد أنهما إنتاج الدماغ الإنساني وأن الإنسان نفسه هو نتاج الطبيعة الذي نما وتطور في محيط طبيعي معين ومع هذا المحيط. و إذ ذاك يغدو من البداهة أن نتاجات دماغ الانسان التي هي أيضا عند آخر تحليل نتاجات للطبيعة ليست في تناقض بل في انسجام مع سائر الطبيعة”. “لقد كان كان هيغل مثاليا أي أن الأفكار في دماغه لم تكن في نظره إلا صور مجردة، (في الأصل: انعكاسات، يستعمل انجلس أحيانا كلمة ‘نسخ’) إلى هذا الحد أو ذاك، عن الأشياء والتطورات الواقعية. بل على العكس من ذلك فالأشياء وتطورها لم تكن في نظر هيغل إلا صورا تعكس الفكرة التي كانت موجودة، ولا أعلم أين، قبل وجود العالم”[3]. وقد كتب انجلس في مؤلفه “لودفيغ فورباخ” الذي عرض أفكاره فيه وأفكار ماركس حول فلسفة فورباخ و الذي لم يدفعه إلى الطبع إلا بعد أن أعاد قراءة المخطوطة القديمة حول هيغل وفورباخ والمفهوم المادي للتاريخ الذي وضعها بالتعاون مع ماركس في 1844–1845 يقول: “إن المسالة الاساسية العظمى في كل فلسفة ولاسيما الفلسفة الحديثة هي مسألة علاقة الفكر بالكائن أو علاقة العقل بالطبيعة… أيهما يسبق الآخر العقل أم الطبيعة… وكان الفلسفة تبعا لإجاباتهم على هذا السؤال قد انقسموا إلى معسكرين كبيرين: فأولائك الذين كانوا يؤكدون تقدم العقل على الطبيعة ويقبلون على هذا النحو في آخر تحليل بخلق العالم أيا كان نوع هذا الخلق… ألفوا معسكر المثالية. و الآخرون الذين كانوا يقررون تقدم الطبيعة انتموا إلى مختلف مدارس المادية.” وكل مفهوم آخر للمثالية والمادية – بالمعنى الفلسفي – ليس من شأنه إلا خلق البلبلة. وقد نبذ ماركس نبذا قاطعا، ليس فقط المثالية المقرونة أبدا إلى الدين، بشكل أو بآخر، بل نبذ أيضا وجهة نظر هيوم و كانط المنتشرة خصوصا في أيامنا هذه، والعجزية، والانتقادية، والمذهب الوضعي[4] بأشكالها المختلفة إذ أنه كان يعتبر هذا النوع من الفلسفة بمثابة تنازل “رجعي” أمام المثالية وفي أحسن الأحوال بمثابة “أسلوب جبان يقبل المادية في السر وينكرها في العلن.”[5]وبصدد هذا راجعوا رسالة ماركس إلى انجلز المؤرخة في 12 كانون الأول/ديسمبر 1868 التي يتحدث فيها عن محاضرة العالم الطبيعي الشهير توماي هكسلي ويلاحظ فيها أن هذا العالم قد ظهر “ماديا أكثر من العادة” واعترف “بأننا ما دمنا نلاحظ فعلا وما دمنا نفكر فلا نستطيع أن نخرج أبدا من المادية” ثم يتهمه ماركس بأنه “فتح بابا سريا” للعجزية ولنظرية هيوم. ومن المهم خصوصا أن نسجل رأي ماركس حول العلاقة بين الحرية والضرورة: “ليست الضرورة عمياء إلا ما دامت غير مفهومة. الحرية هي فهم الضرورة” (انجلس. “ضد دوهرنغ”) وهذا يعني، إذن، الاعتراف بمطابقة الطبيعة للقوانين الموضوعية، وتحول الضرورة الديالكتيكي إلى حرية (كتحول “الشيء بذاته” و غير المدرك ولكنه قابل للادراك إلى “شيء لنا”، تحول “جوهر الاشياء” إلى “ظاهرات”). إن العيب الأساسي في المادية ‘القديمة’ وفي جملتها مادية فورباخ (بالأحرى المادية “المبتذلة” عند بوخنر وفوغت وموليشوت) هو في نظر ماركس وانجلس: أول – إن هذه المادية كانت “في أساسها ميكانيكية” ولم تكن لتأخذ بعين الاعتبار آخر ما توصلت إليه الكيمياء و البيولوجيا (و من المناسب أن نضيف إليها في أيامنا هذه النظرية الكهربائية للمادة). ثانيا – إن المادية القديمة لم تكن تاريخية ولا ديالكتيكية (كانت ميتافيزيقية بمعنى أنها ضد الديالكتيكية) ولم تكن تطبق وجهة نظر التطور من جميع نواحيها على نحو منسجم محكم الحلقات إلى النهاية. ثالثا – إنها تفهم “جوهر الإنسان” على نحو تجريدي لا بمثابة “مجموعة العلاقات الاجتماعية كافة” (التي يحددها التاريخ على نحو ملموس). وهكذا لم تقم إلا “بتفسير” العالم مع أن المقصود كان “تغييره” و بتعبير آخر إن المادية القديمة لم تكن تدرك شأن “النشاط العملي الثوري”.

الديالكتيك :

لقد كان ماركس وانجلس يريان في ديالكتيك هيغل أوسع مذهب من مذاهب التطور وأوفرها مضمونا وأشدها عمقا وأثمن اكتسابا حققته الفلسفة الكلاسيكية الألمانية. وكانت كل صيغة أخرى لمبدأ التطور تتراءى لهما وحيدة الجانب فقيرة المضمون تشوه وتفسد السير الواقعي للتطور (الذي يتميز أحيانا بقفزات وكوارث وثورات) في الطبيعة و المجتمع. “إننا كلينا، ماركس وأنا، كنا وحدنا تقريبا اللذين عملا لانقاذ الديالكتيك الواعي” (من المثالية بما فيها الهيغلية نفسها) “و ذلك بإدخاله في المفهوم المادي للطبيعة”. “إن الطبيعة هي محك الاختبار، وبإمكاننا أن نضيف أن علم الطبيعة الحديث قد أغنى إلى أقصى حدود الغنى (كتب هذا قبل اكتشاف الراديوم والالكترونات وتحول العناصر الخ.!) ولا يزال يضيف لوازم هذا الاختبار يوميا وبذلك أثبتت هذه العلوم أن الطبيعة تعمل في نهاية المطاف على نحو ديالكتيكي لا على نحو ميتافيزيقي”.[6]

قال انجلس أيضا: “إن الفكرة الأساسية الكبرى التي تقول بأن العالم لا يتألف من أشياء تامة الصنع بل هو مجموعة من العمليات يطرأ فيها على الأشياء التي تبدو في الظاهر ثابتة وكذلك على انعكاساتها الذهنية في دماغن، أي الأفكار، تغير مستمر من الصيرورة والفناء، إن هذه الفكرة الأساسية الكبرى قد نفذت على نحو عميق منذ هيغل في الإدراك العام حتى أنه لا يوجد من يعارضها في شكلها العام هذا. ولكن الاعتراف بهذه الفكرة كلاما شيء وتطبيقا في الواقع في كل حال من الأحوال وفي كل ميدان من ميادين البحث شيء آخر”. “ليس هناك من أمر نهائي مطلق مقدس أمام الفلسفة الديالكتيكية فيه ترى كل شيء وفي كل شيء خاتم الهلاك المحتوم، وليس ثمة شيء قادر على الصمود في وجهها غير الحركة التي لا تنقطع، حركة الصيرورة والفناء، حركة التصاعد أبدا دون توقف من الأدنى إلى الأعلى. و هذه الفلسفة نفسها ليست إلا مجرد انعكاس هذه الحركة في الدماغ المفكر”. فالديالكتيك هو إذن في نظر ماركس علم القوانين العامة للحركة سواء في العالم الخارجي أم في الفكر البشري”.[7]

إن هذا المظهر الثوري لفلسفة هيغل هو ما تبناه ماركس وطوره. فالمادية الديالكتيكية “لم تعد بحاجة إلى فلسفة توضع فوق العلوم الأخرى” و إن ما تبقى من الفلسفة القديمة هو “نظرية الفكر وقوانينه – المنطق الشكلي و الديالكتيك.[8] غير أن الديالكتيك حسب مفهوم ماركس كما هو حسب مفهوم هيغل يشمل ما يسمى اليوم بنظرية المعرفة أو “العرفانية” التي يجب أن تعالج موضوعها من وجهة نظر تاريخية أيضا وذلك بأن تدرس وتعمم منشأ المعرفة وتطورها أي الانتقال من اللامعرفة إلى المعرفة.

في أيامنا دخلت فكرة النمو فكرة التطور على نحو كلي تقريبا في الوعي الاجتماعي ولكن عن غير طريق فلسفة هيغل. بيد أن هذه الفكرة كما صاغها ماركس وانجلس بالاستناد إلى هيغل هي أوسع جدا وأغنى جدا في محتواها من الفكرة الشائعة عن التطور. تطور يبدو كأنه يستنسخ مراحل مقطوعة سابقا و لكن على نحو آخر وعلى درجة الرفع (“نفي النفي”) تطور على نحو لولبي إذا صح التعبير لا على نحو خط مستقيم – تطور بقفزات وكوارث وثورات – “انقطاعات في التدرج” تحول الكمية إلى كيفية – اندفاعات داخلية نحو التطور يثيرها التضاد والتصادم في القوى والاتجاهات المتمايزة التي تعمل في جسم معين أو في حدود ظاهرة معينة أو في قلب مجتمع معين – تبعية متبادلة وصلة وثيقة لا يمكن فصمها بين جميع جوانب كل ظاهرة (و التاريخ يكشف دائما عن جوانب جديدة)، صلة تحدد مجرى الحركة الوحيد المشروع الكلي: هذ هي بعض مميزات الديالكتيك بوصفه مذهبا للتطور أغنى من المذهب الشائع. (راجع رسالة ماركس إلى انجلس بتاريخ 8 كانون الثاني 1868 حيث يهزأ من “سفسطات شتاين “المشدودة” التي من الحماقة خلطها بالديالكتيك المادي”.

المفهوم المادي للتاريخ :

أدرك ماركس خلو المادية القديمة من المنطق وعدم اكتمالها وطابعها الوحيد الجانب. فاقتنع بأنه يجب “جعل علم المجتمع منسجما مع الأساس المادي وإعادة بنائه استنادا إلى هذا الأساس”.[9] و إذا كانت المادية بوجه عام تفسر الوعي بالكائن وليس بالعكس فهي تتطلب عند تطبيقها على الحياة الاجتماعية للإنسانية تفسير الوعي الاجتماعي بالكائن الاجتماعي. يقول ماركس: “إن التكنولوجيا تبرز أسلوب عمل الإنسان تجاه الطبيعة أي العملية المباشرة لإنتاج حياته وبالتالي الظروف الاجتماعية لحياته والأفكار أو المفاهيم الفكرية التي تنجم عن هذه الظروف” (“رأس المال” المجلد الأول).[10] وقد أعطى ماركس صيغة كاملة عن الموضوعات الأساسية للمادية في تطبيقها على المجتمع البشري و على تاريخه وذلك في مقدمة كتابه: “مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي” قال:

“إن الناس أثناء الإنتاج الاجتماعي لحياتهم يقيمون فيما بينهم علاقات معينة ضرورية مستقلة عن إرادتهم. وتطابق علاقات الإنتاج هذه درجة معينة من تطور قواهم المنتجة المادية.

ومجموع علاقات الإنتاج هذه يؤلف البناء الاقتصادي للمجتمع أي الأساس الواقعي الذي يقوم عليه بناء فوقي حقوقي وسياسي وتطابقه أشكال معينة من الوعي الاجتماعي. إن أسلوب إنتاج الحياة المادية يشترط تفاعل الحياة الاجتماعي والسياسي والفكري بصورة عامة. فليس إدراك الناس هو الذي يحدد معيشتهم بل على العكس من ذلك معيشتهم الاجتماعية هي التي تحدد إدراكهم. وعندما تبلغ قوى المجتمع المنتجة المادية درجة معينة من تطورها تدخل في تناقض مع علاقات الإنتاج الموجودة أو مع علاقات الملكية – وليست هذه سوى التعبير الحقيق لتلك – التي كانت إلى ذلك الحين تتطور ضمنها. فبعد ما كانت هذه العلاقات أشكالا لتطور القوى المنتجة تصبح قيودا لهذه القوى. وعندئذ ينفتح عهد الثورة الاجتماعية. ومع تغير الأساس الاقتصادي يحدث انقلاب في كل البناء الفوقي الهائل بهذا الحد أو ذاك من السرعة. وعند دراسة هذه الانقلابات ينبغي دائما التمييز بين الانقلاب المادي لشروط الإنتاج الاقتصادية – هذا الانقلاب الذي يحدد بدقة العلوم الطبيعية – وبين الأشكال الحقوقية والسياسية والدينية و الفنية والفلسفية أو بكلمة مختصرة الأشكال الفكرية التي يتصور فيها الناس هذا النزاع ويكافحونه.

فكما أنه لا يمكن الحكم على فرد وفقا للفكرة التي لديه عن نفسه كذلك لا يمكن الحكم على عهد انقلاب كهذا وفقا لوعيه. فينبغي تفسير هذا الوعي بتناقضات الحياة المادية وبالنزاع القائم بين قوى المجتمع المنتجة و علاقات الإنتاج [...] إن أساليب الإنتاج الأسلوب الآسيوي والقديم و الاقطاعي والبرجوازي الحديث مرسومة بخطوطها الكبرى يمكن اعتبارها بمثابة عهود متصاعدة من التكون الاجتماعي الاقتصادي”.[11]

راجع الصيغة الموجزة التي يعطيها ماركس في رسالته إلى انجلس بتاريخ 7 تموز/جويلية 1866: “نظريتنا حول تحديد تنظيم العمل بواسطة وسائ الإنتاج.

إن اكتشاف المفهوم المادي عن التاريخ أو بتعبير أدق تطبيق وتوسيع المادية بدأب وانسجام إلى النهاية حتى تشمل ميدان الظاهرات الاجتماعية قد قضى على عيبين رئيسيين في النظريات التاريخية السابقة: أولا: لم تكن هذه النظريات تأخذ بعين الاعتبار، في أحسن الحالات، غير الدوافع، دون أن تدرك القوانين الموضوعية التي تسير تطور نظام العلاقات الاجتماعية، دون أن ترى جذور هذه العلاقات في درجة تطور الإنتاج المادي. ثانيا: كانت النظريات السابقة تهمل على وجه الضبط عمل جماهير السكان بينما مكنت المادية التاريخية لأول مرة من دراسة الظروف الاجتماعية لحياة الجماهير ومن دراسة تغيرات هذه الظروف بدقة العلوم الطبيعية. لقد كان “علم الاجتماع” وعلم التاريخ قبل ماركس يكدسان في أحسن الحالات وقائع خام مجموعة كيفما اتفق ويعرضان بعض الجوانب من حركة تطور التاريخ. لقد شقت الماركسية الطريق أمام دراسة واسعة شاملة لعملية نشوء تشكيلات المجتمع الاقتصادية وتطورها وانهيارها وذلك بتحليلها مجموعة الميول المتناقضة وردّها إلى ظروف المعيشة والإنتاج الواضحة المعالم لمختلف طبقات المجتمع وبإبعادها اختيار الأفكار “القائدة” أو تأويلها على نحو ذاتي واعتباطي ويكشفها عن جذور جميع الأفكار وجميع الميول المتباينة في أوضاع القوى المنتجة المادية دون استثناء. إن الناس هم صانعوا تاريخهم ولكن ما الذي يحدد دوافعهم وخصوصا دوافع الجماهير البشرية؟ و ما هو سبب نزاعات الأفكار والمطامح المتضادة؟ وماذا يمثل مجموع هذه النزاعات في مجمل المجتمعات البشرية وما هي الشروط الموضوعية لإنتاج الحياة المادية التي يقوم عليها أساس كل نشاط الناس التاريخي؟ وماهو قانون تطور هذه الشروط؟ إن ماركس قد أعار انتباهه لهذه المسائل ورسم الطريق لدراسة علمية للتاريخ بوصفه حركة تطور واحدة تسير وفق قوانين معينة رغم تنوعها العجيب ورغم جميع تناقضاتها.

الصراع الطبقي :

من المعلوم أنه في كل مجتمع تتصادم مطامح البعض مع مطامح البعض الآخر وأن الحياة الاجتماعية مليئة بالتناقضات، وأن التاريخ يكشف لنا عن الصراع الذي بين الشعوب والمجتمعات، كما يقوم داخل الشعوب والمجتمعات نفسه، وأنه يبين لنا أيضا مراحل متعاقبة من الثورة والرجعية، من السلم والحروب، من الركود والتقدم السريع أو الانحطاط. إن الماركسية قد رسمت النهج الموجه الذي يتيح اكتشاف وجود القوانين في هذا التعقيد والتشوش الظاهر ونعني بهذا نظرية الصراع الطبقي. فقط دراسة مجمل المطامح لدى جميع أعضاء مجتمع ما أو عدد من المجتمعات تسمح بتحديد نتيجة هذه المطامح تحديدا علميا. هذا مع العلم أن المطامح المتناقضة يولدها تباين الأوضاع وشروط الحياة لدى الطبقات التي ينقسم إليها كل مجتمع. يقول ماركس في “البيان الشيوعي”: “إن تاريخ كل مجتمع إلى يومنا هذا (ثم يضيف انجلس فيما بعد: ما عدى المشاعية البدائية) لم يكن سوى تاريخ صراع بين الطبقات. فالحر والعبد، والنبيل و العامي، والسيد الاقطاعي والقن، والمعلم والصانع، أي باختصار، المضطهدون والمضطهدين، كانوا في تعارض دائم وكانت بينهم حرب مستمرة، تارة ظاهرة، وتارة مستترة، حرب كانت تنتهي دائما إما بانقلاب ثوري يشمل المجتمع بأسره وإما بانهيار الطبقتين معا [...] أما المجتمع البرجوازي الحديث الذي خرج من أحشاء المجتمع الاقطاعي الهالك فإنه لم يقض على التناقضات بين الطبقات بل أقام طبقات جديدة محل القديمة وأوجد ظروفا جديدة للاضطهاد وأشكالا جديدة للنضال بدلا من القديمة. إلا أن ما يميز عصرنا الحاضر، عصر البرجوازية، هو أنه جعل التناحر الطبقي أكثر بساطة. فإن المجتمع أخذ بالانقسام، أكثر فأكثر، إلى معسكرين فسيحين متعارضين، إلى طبقتين كبيرتين العداء بينهما مباشر: هما البرجوازية و البروليتاريا”. ومنذ الثورة الفرنسية الكبرى كشف تاريخ اوروبا في عدد من البلدان على نحو بديهي خاص عن السبب الحقيقي للأحداث وهو صراع الطبقات. فمنذ عهد عودة الملكية [12] ظهر في فرنسا عدد من المؤرخين (تييري وغيزو ومينيه وتيير) الذين كانوا مجبرين عند تلخيصهم لما كان يحدث أن يعترفوا بأن الصراع الطبقي موجود وأنه المفتاح الذي يتيح فهم كل تاريخ فرنسا. ولكن المرحلة الحديثة الأخيرة، مرحلة انتصار البرجوازية التام، والمؤسسات التمثيلية والاقتراع الموسع (إن لم يكن العام)، مرحلة الصحافة اليومية الزهيدة الثمن، التي تتغلغل بين الجماهير إلخ. هذه المرحلة قد أثبتت بمزيد من الجلاء أيضا (و لو أحيانا على نحو وحيد الجانب و”سلمي” و”دستوري”) إن الصراع الطبقي هو محرك الأحداث. إن المقتطف التالي من “البيان الشيوعي” يبين لنا ما طلبه ماركس من علم الاجتماع من وجهة نظر التحليل الموضوعي لأوضاع كل طبقة من طبقات المجتمع الحديث بالارتباط مع تحليل تطور هذه الطبقة: “و ليس بين جميع الطبقات التي تقف الآن أمام البرجوازية وجها لوجه إلا طبقة واحدة ثورية حقا هي البروليتاريا. إن جميع الطبقات الأخرى تنحط وتنقرض في النهاية مع نمو الصناعة الكبرى أما البروليتاريا فهي – خلافا لذلك – أخص وأساس منتجات هذه الصناعة. إن الشريحة السفلى من الطبقة المتوسطة و صغار الصناعيين والباعة والحرفيين والفلاحين تحارب البرجوازية من أجل الحفاظ على وجودها بوصفها فئات متوسطة. فهي ليست إذن ثورية بل محافظة وأكثر من محافظة أيضا إنها رجعية. إذ أنها تريد أن تدور عجلة التاريخ إلى الوراء. وإن حدث وأن كانت ثورية فذلك لأنها في حالة انتقال إلى صفوف البروليتاريا وبذلك لا تدافع عن مصالحها الآنية بل عن مصالحها المستقبلية وهي تتخلى عن وجهة نظرها الخاصة لتتخذ لنفسها وجهة نظر البروليتاريا”. وفي جملة من المؤلفات التاريخية أعطى ماركس أمثلة ساطعة وعميقة عن علم التاريخ المادي وعن تحليل ظروف كل طبقة بذاتها و أحيانا ظروف مختلف الجماعات والفئات في الطبقة الواحدة وبين على نحو ساطع لماذا وكيف “أن كل نضال طبقي هو نضال سياسي”.[13]إن المقطع الذي استشهدنا به آنفا يبيّن بوضوح كم هي معقدة شبكة العلاقات الاجتماعية و الدرجات الانتقالية بين طبقة وأخرى وبيّن الماضي والمستقبل التي يحللها ماركس ليظهر حاصل كل التطور التاريخي.

إن نظرية ماركس تجد تأكيدها وتطبيقها الأكثر عمقا وشمولا وتفصيلا في مذهبه الاقتصادي.

****
انظر “العائلة المقدسة”، القسم الثامن، لماركس وانجلز.

2. “رأس المال”، ماركس وانجلز، المجلد الأول.
3. “ضد دوهرينغ”، فريديرك انجلز.
4. الغنوصية هي فلسفة مثالية تقر بأنه لا يمكن إدراك العالم وأن عقل الإنسان محدود وليس بمقدوره معرفة ما يتجاوز مملكة الحواس. وللغنوصية أشكال مختلفة: فيقر بعض الغنوصيين بالوجود الموضوعي للعالم المادي ولكنهم ينكرون إمكانية معرفته وينكر آخرون بوجود العالم المادي بحجة أن الإنسان لا يمكنه معرفة ما إذا يوجد شيء ما خارج حواسنا.
نقد – أطلق كانط هذا الاسم على فلسفته المثالية معتبرا القدرة الادراكية للإنسان هي الهدف من تلك الفلسفة. نقدية كانط قادته إلى الاقتناع بأن عقل الإنسان لا يمكنه معرفة طبيعة الاشياء.
الفلسفة الوضعية – نزعة واسعة الإنتشار في الفلسفة البرجوازية وعلم الاجتماع. أسسها الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي كونت (1798–1857). يرفض الوضعيون إمكانية إدراك النظم والعلاقات الداخلية وينكرون كذلك دور الفلسفة كمنهج للمعرفة وتغيير العالم الموضوعي. فهم يختزلون الفلسفة في حصيلة من المعطيات توفرها مختلف فروع العلم ووصف سطحي لنتائج الملاحظة المباشرة. تعتبر الوضعية نفسها أنها “فوق” المادية و المثالية إلا أنها في الواقع هي ليست إلا نوع من المثالية الذاتية.
5. “لودفيغ فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الالمانية” لفريدريك انجلز.
6. “ضد دوهرنغ” لفردريك انغلز.
7. “لودفيغ فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية” لفردريك انجلز.
8. “ضد دوهرنغ” لفريديرك انجلز.
9. “لودفيغ فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الالمانية” لفريدرك انجلز.
10. انظر “رأس المال” لكارل ماركس، المجلد الأول.
11. “مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي” لكارل ماركس (1859 ، 12. الاستعادة – الفترة بين 1814 و1830 في فرنسا عندما كانت السلطة في البوربون واعيدت الى العرش بعد قلب نظام الحكم من قبل الثورة البرجوازية الفرنسية في 1792.
انظر الأعمال الكاملة لماركس وانجلس، المجلد الأول، موسكو 1973، الصفحات: 108–109 و116 و117–118.

.... تابع قراءة التدوينة

لصوص القوت





انا أكره وبشدة فكرة حكم النفس على النفس ، فهى اذلال وتحكُم من قبل الإنسان على أخيه الإنسان
من صنع كل هذه الفوارق العريضة عبر التاريخ ؟ ـ انهم البرجوازيون ، الطبقة المُتعفنة
يمتلكون الأراضٍ والشركات والمصانع .. ببساطة يمتلكون إقتصاد دولة ..
طبقاً لمراعاة الرأسمالى لمصالحة الخاصة ، فهو يسعى اولاً الى زيادة الإنتاج كى يربح ويربح
دون أدنى نظر لما كان له اليد الأساسية فى تصنيع المنتج النهائى وتقديمة للمُستهلك ،، وهم العُمال
والكادحون .. فقط كل ما يمتلكونة هو راتب بسيط جداً لا يعادل جزء ولو ضئيل من الأرباح الهائلة التى قام الرأسمالى بتحصيلها ، والفكرة السائدة هى ان الرأسمالى يشترى القوة العضلية للعامل نظير عملة لعدد س من الساعات ، وبهذا الشكل يصبح العامل شأنة شان الالات وادوات الانتاج !.. وهنا يجب ان نتساءل بديهياً كيف يتم تحديد أجرة العامل أو على اى اساس يتم تحديدها ؟ ـ
: انه لمن العدل بل من الطبيعى ان يتحصل العامل على أجرته نظير ما يدخرة الرأسمالى من ارباح بيع المنتجات ـ بمعنى ؛ يقوم العامل مثلا بتصنيع 10 كراسى يومياً ، يقوم الرأسمالى " اى صاحب المصنع "بأخذ عدد الـ 10 كراسى ومن ثم بيعهم بمبلغ يكاد يُضاعف ما أشتراه من أدوات والآلات للانتاج وتزيد عليهم ، أجرة العمال أيضاً !! فيجب ان يشاركة العامل فيما تحصل عليه من ارباح نظير ما قام العامل بانتاجة .
هذا هو الجشع بعينة وقمة الاذلال والمهانة وعدم المساواة .. الرأسمالية كالأخطبوط يفرد ذراعية
على شتى مؤسسات الدولة ليتحكم فى مأكلك ومسكنك وعملك وخلافة !
فتنتشر هنا لدى المجتمع ثقافة " اهو شغل والسلام ، واحسن من مفيش " !!
وبالفعل من يعارض هذه الثقافة فى وقتنا الحالى قد لا يعمل لفترة من الزمن ليست بالبسيطة !
كُل ما أريد قولة ان الرأسمالية لديها كافة الوسائل التى تجعل من الإنسان ، كالجماد لا يفكر فى حقة لا يفكر فيما عليه او ما له .. نظراً لأن الجميع هكذا وطبيعة الحديث حتى فى نقاش العُمال بعضهم البعض
ترى الثقافة فى حالة لا يرثى لها لدى أغلب العُمال .. كيف تطلب من العامل او اى انسان كان عملة او حتى لا عمل له كيف تطالبة بتحرير نفسة من العبودية المباشرة والغير مباشرة فى مجتمع يملكة بضعة أفراد يتحكمون فى شتى أجهزة الدولة !؟
واخجل ان اقول انه على العامل ان يقرأ حتى يتسنى له معرفة ما عليه من واجبات ومال له من حقوق :(
هذه حقيقة .. وحقيقة مؤسفة للغاية .. بل ومن المحزن ايضاً اننا نرى هؤلاء يمتلكون الحَصَانة والحماية وكافة وسائل التأمين ، وصلت الرأسمالية الى انها تدخلت حتى فى سلطة إتخاذ القرار
بكلمة منها تحكم على الجميع بالاعدام ،وبكلمة تنتشلهم من فقرهم المُدقع ..
ومما سبق يتضح لنا انه بناءاً على ان الرأسماية قد امتلكت أغلب مؤسسات الدولة فلابد من الاشارة الى انه هناك مؤسسات أمنية هامة جداً للدولة كالجيش والشرطة ..
وبما ان أغلب مصالح الدولة مع الرأسماليين فإنه قد تحولت بقدرة قادر
مؤسسة كالجيش ،،من حماية وأمن الوطن الى حماية وسلامة امن النظام ( الدولة / الرأسمالية )!
كذلك الشرطة ..
وقد تأصل فى شتى مؤسسات الدولة غول أخر اسمة البيروقراطية ، اذ انه بدلا من ان كان فرد هو الذى يُحصل الأرباح ـ اصبح الآن يُشاركة جيش من الموظفين !!
فأين يذهب المواطن والعامل الأجير فى هذه الدولة الأمبريالية

انها حالة الاضراب العام ـ فهى من رأيى الحل الوحيد لمواجهة هذه القوة الغاشمة التى تكاد ان تبتلعنا جميعاً لتحمى نفسها وتؤمن مصالحِها ..
ثورة من الجذور من الكادحين حيث يتغير شكل وطبع المجتمع ، الفقراء والعُمال وكل من سُلب حقة من هؤلاء اللصوص .. وارى حينها سيتحول المجتمع طبقاً لشكل من قاموا بتغيرة
فتتغير البنية الاساسية للمجتمع وتتجدد، بأفكار وايدلوجيات اخرى .
يتفاعل معها البشر جميعاً فى تناغم ، بعيداً عن السلطات القمعية ولصوص القوت اليومى

انتهى ،،

الدولة = رأسمالية = بيروقراطية = قمع = فقر ،جهل ، مرض

.... تابع قراءة التدوينة