من كتاب - رأس المال : كارل ماركس " تعريف الأجرة وكيفية تحديدها "



وهذا التعريف انطلق من الفكر الماركسى والذى كان مؤمناً بان الطبقات البرجوازية فى كل المجتمعات الأوربية فى طريقها الى الزوال، حيث أن تنامى قوة طبقة البروليتاريا يتزايد فإن الغلبة لتلك الطبقة فى النهاية .
المهم فى الامر انه عند سؤال عدد غير معين من العمال عن مقدار أجورهم فإن الاجابات التى يمكن أن يسمعها السائل قد تكون مختلفة ؛ اذ تتراوح بين 3 وحدات نقدية فى اليوم للعامل الواحد الى اكثر من عشرين أو خمسين وحدة نقدية فى اليوم الواحد للعامل، وتختلف وتتفاوت هذه الأجرة فى حقيقة الأمر لاختلاف وتباين الاعمال التى يقوم بها كل عامل من هؤلاء العمال ..
حيث انه من البديهى ان تختلف الاجرة طبقاً لنوع العمل فهناك فرق فى الصعوبة والندرة بين من يعمل فى حياكة الملابس وبين عمال المطابع وعمال الكيماويات، لكن ما يهم فى الأمر انه على الرغم من اختلاف الاجرة اليومية لهؤلاء العمال الا انهم جميعاً متفقون حول ان الأجرة التى يحصلون عليها ان هى الا ذلك المبلغ المالى الذى يدفعة الرأسمالى نظير وقت محدد من العمل من أجل القيام بعمل معين، وهذا معناه ان الرأسمالى يشترى إذن ـ كما يبدو ـ عمل العمال بالمال ونظير المال الذى يحصلون عليه فإنهم يبيعون للرأسمالى عملهم ..
لكن فى حقيقة الأمر ان الامر يسير هكذا فى الظاهر حيث ان ما يبيعه العمال فعلياً للرأسمالى هو قوة عملهم حيث يشترى الرأسمالى قوة العمل هذه لعماله ليوم واحد او لاسبوع او لشهر .
ولذلك ما ان تم الاتفاق بين الرأسمالى والعامل على ان يقوم العامل ببيع قوة عمله للرأسمالى وموافقة الرأسمالى على شراء تلك القوة بالتالى فإنة يستخدم قوة عمل العامل خلال الوقت المتفق عليه، حيث انه من خلال هذا المبلغ المالى الذى اشترى به الرأسمالى قوة العامل وليكن مثلاً يكافئ 2 وحدة نقدية، فإن الرأسمالى كان بوسعة ان يشترى أثنين كيلو جراماً من السكر أو ايه كمية معينة من اى سلعة أخرى .
وهذا يعنى ان الوحدتين النقديتين اللتين اشترى بهما اثنين كيلو جراما من السكر هما فى واقع الامر يمثلان الثمن الحقيقى لاثنين كيلو جراماً من السكر ، وطبقاً لذلك فإن الوحدتين النقديتين اللتين اشترى بهما الرأسمالى عدد 12 ساعة من قوة عمل العامل هما فى الحقيقة يمثلان ثمن الـ 12 ساعة عمل ، وبالتالى يمكن القول بان قوة العمل للعامل فى جوهرها هى بضاعة شأنها فى ذلك شأن السكر لا أكثر ولا أقل ؛ حيث إن الأولى . قوة العمل . تقاس بالساعة بينما الأخرى ـ السكر ـ تقاس بالميزان ..
ولذلك فان بضاعة العمال التى هى قوة عملهم انما يقومون بمبادلتها ببضاعة الرأسمالى بالمال ، وهذا التبادل يتم وفق نسبة معينة بمعنى قدر معين من المال مقابل قدر معين من استخدام قوة العمل .
فاذا كانت وحدتان نقديتان يأخذهما العامل نظير عملة 12 ساعة فى حياكة القماش عندئذ أليس هاتان الوحدتان النقديتان تمثلان بشكل حقيقى كل البضائع الأخرى التى يمكن شراؤها بتلك الوحدتين النقديتين ، وبالتالى فانه يمكن القول بان العامال قد بادل بضاعة هى قوة العمل ببضائع متنوعة ، وذلك وفقاً لنسبة معينة لذلك فإن الرأسمالى حين يعطى العامل هاتين الوحدتين النقديتين فإنه فى حقيقة الأمر كأنه يعطيه قدراً معيناً من اللحم أو الملبس أو الكهرباء أو الماء .. الخ ، مقابل عمله فى هذا اليوم عنده .
ومن ثم فان هاتين الوحدتين النقديتين تعبران عن النسبة الحقيقية التى يتم طبقاً لها القيام بعملية تبادل بين قوة عمل العامل ببضائع أخرى وهذا يعنى ان تلك الوحدة النقدية أيا كان عددها او قيمتها انما تعبر فى الواقع عن القيمة التبادلية لقوة العمل ، حيث ان القيمة التبادلية للبضاعة معينة مقدرة بالمال انما هى بالضبط ما يطلق عليه ثمن تلك البضاعة .
وذلك لأن الأجرة ليست إذن سوى الاسم الخالص لذى يطلق بالفعل على ثمن قوة العمل والذى يسمى فى العادة ثمن العمل، مع ملاحظة ان ثمن العمل هذا ان هو الا الاسم الخاص الذى يطلق على ثمن هذه البضاعة الخاصة التى لا يوجد منها الا فى لحم الانسان ودمه، ولتوضيح ذلك فإنه يتم ضرب مثال بالخياط ، حيث نجد ان الرأسمالى يقدم له النول والخيوط ومن ثم فان الخياط يشرع فى عمله من أجل ان تتحول هذه الخيوط الى قماش ، وبعد ان تصبح تلك الخيوط قماشاً فإن الرأسمالى باعتبارة مال آدوات الانتاج هو الذى يأخذها من العامل ويقوم بعرضها فى السوق حيث يستطيع ان يقوم ببيعها بمبلغ يعادل عشرين وحدة نقدية ..
وبالتالى يظهر الان سؤال؛هل أجرة العامل فى هذه الحالة عبارة عن حصة من القماش الذى يساوى فى الحقيقة 20 وحدة نقدية ؟
الا اننا سنجد اجابة كارل ماركس : ان العامل قد تقاضى أجرته قبل ان يتم بيع القماش بوقت طويل ، بل ربما تقاضاه قبل ان يقوم بصنع القماش بوقت طويل ،لذلك فان الرأسمالي يدفع هذه الأجرة من المال الذى حصل عليه من القماش اما يقوم بدفعها من المال المكدس عنده سلفاً تماماً كما ان النول والخيوط ليست من نتاج عمل العامل الذى انتج القماش حيث ان النول والخيوط هى عناصر للانتاج قدمها الرأسمالى للعامل .
وبالتالى فان البضائع التى يحصل عليها مقابل بضاعته . قوة العمل . ليست من نتاجة وقد لا يجد الرأسمالى مشترياً للقماش أو قد لا يحصل فعليا من بيع القماش على المبلغ الذى صرفة لدفع الأجرة ، كما انه من الجائز له ان يقوم ببيع القماش بفائدة . أسعار . كبيرة جداً مقارنة بالأجرة التى يحصل عليها العامل .
لكن ما هو جدير بالفهم والملاحظة ان كل من هذه الاحتمالات ليس لها علاقة إطلاقاً بالعامل حيث أن الرأسمالى قد اشترى بالفعل  بجزء من ثروتة الحالية قوة عمل العامل بنفس الطريقة التى حصل عليها بها بقسم آخر من ثروتة على المواد الأولية . النول والخيوط والأصباغ والطاقة ... إلخ ،،
وبعد إجراء هذه المشتريات التى من ضمنها قوة العمل الضرورية لانتاج القماش يشرع فى الانتاج بواسطة مواد آولية وادوات عمل تخصة وحدة دون غيرة ، ومن ثم فقد أصبح العامل فعلياً من ضمن هذه الأدوات ، وبالتالى أصبح العامل يمثل حصه أو جزءاً من المنتج مثله فى ذلك مثل النول والخيط ... إلخ ،،


ـ معنى الأجرة ـ
ومما سبق نجد ان الاجرة عندئذليست هى حصة العامل فى البضاعة التى قام بإنتاجها ، حيث إن الأجرة فى تلك الحالة ان هى الا قسم من بضاعة موجودة سلفاً يشترى بها الرأسمالى كمية معينة من قوة عمل منتجة، ولذلك فإن قوة العمل هى بضاعة يبيعها مالكها الذى هو العامل الأجير إلى الرأسمالى ، أما لماذا يبيعها فإنه يبيبعها لكى يعيش .

.... تابع قراءة التدوينة

كتاب ـ الأناركية كما نراها ـ ترجمة : مازن كم الماز -2



  لقراءة الجزء الأول .. (اضغط هنا )

ثالثــاً : تغييرها كلية -
اليس من الطبيعى الان ان نتساءل ما  الذى يمكن فعلة للاطاحة بأنظمة السيطرة والاستغلال التى تسيطر على كل جانب من حياتنا ، هل التغيير ممكن حقاً ؟
الجواب هو نعم بالتأكيد ! توجد الدولة وسائر المنظمات بالتحديد ( التنظيمات ) القمعية بالتحديد لأن هذا التغيير ممكن .. ان النظام الرأسمالى فى حالة دائمة من الأزمة . لدرجة ما فإن الصيرورة المستمرة من الازدهار والركود التى هى جزء من كيفية عمل الرأسمالية التى تساعدها بالتأكيد البقآء للأصلح فقط .. من جهة أخرى فإنها تعنى عدم الاستقرار الدائم وإحتمال قيام إنتفاضات العمال مع تزايد فشل الرأسمالية فى الوفاء بوعودها . 
كانت بريطانيا فى الثمنينات والتسعينات تتميز بإنتفاضات محلية دورية ضد الشرطة ، والبطالة ، ضد ضريبة الفرد .. لكن هذه محدودة مقارنتا بما حدث فى الماضى وما يمكن ان يحدث فى المستقبل ، داخل هذه العملية من التغيير الاجتماعى الراديكالى تقع الشيوعية اللاسلطوية ( الأناركية ) ؛ لكن ما هى الشيوعية اللاسلطوية الأناركية ؟
باختصار .. يريد الشيوعيون اللاسلطويون " الأناركيون " أن يرو تدمير النظام الحالى الذى يخدم الغنى والقوى . نريد عالم ينظم لتلبية الحاجات الاساسية لكل البشرية ، حيث تعود كل منتجات عمل الجميع للجميع " اى الشيوعية " ، نريد أيضاً الغاء سلطة الطبقة الحاكمة .. ستتم السيطرة على المجتمع من قبل جميع البشر من خلال منظماتهم الخاصة ( اللاسلطوية أوالأناركية ) ،، لكن أليس هذا كُله حلماً جميل !؟


إرث الطبقة العاملة :
-----
ليست اللاسلطوية " الأناركية " نتاج عقول بعض المفكرين الذين لا تواصل بينهم وبين الجماهير العريضة من البشر . انها تنشأ مباشرة من نضالات العمال والمُضطهَدين ضد الرأسمالية ، من حاجاتهم وكل رغباتهم غير المُتحققة للحرية . وللمساوآة ، وللإشباع الذاتى، فى الماضى فى كل زمان تحدث فيه الثورات السادة ظهرت اللاسلطوية واشكالها للتنظيم، ولو لبعض الوقت فقط غالبا دون ان تسمى نفسها لا سلطوية " اناركية .
فى الثورة الانجليزية فى القرن الـ 17 ، فان جماعات مثل المساواتيين " مجموعة سياسية ظهرت اثناء الحرب الاهلية الانجليزية " دعت الى المساواة والى التسامح الدينى ـ المترجم " ..
، المفرطين ( فرقة مسيحية ظهرت فى القرن الـ 17 اعتبرتها الكنيسة فرقة مهرطقة، دعوا الى وحدة الوجود وأعلنوا أن المؤمن مُتحرر من كل قيد تقليدى وان الخطية نتاج للمخيلة فقط ، وان الملكية الخاصة خاطئة، اعتبرتهم الحكومة يومها تهديدا للنظام الاجتماعى ــ المترجم .. )
الحفارين ( مجموعة من الشيوعيين البروتستانت الانجليز الزراعين ، دعوا الى المساواة والغاء الملكية الخاصة ، ظهرت فى القرن الـ 17 ـ المترجم .. )
طوروا فكرة الحرية ، المساواة ، والعدالة . اما اثناء الثورة الفرنسية فإن العمال والحرفيين طوروا وعيهم الطبقى الخاص بداية بتطوير الافكار اللاسلطوية " الأناركية "
(الغاضبون ) . فى كومونة باريس عام 1871 خلق العمال الفرنسين فى الواقع تنظيمات السلطة الجماهيرية التى تحدث النظام القديم لفترة محدودة من الوقت قبل ان يجرى اغراقها فى الدماء ، فى الثورات الروسية فى عامى 1905 ، 1917 طور العمال والفلاحون بنى شبيهة للسلطة الديمقراطية المباشرة ، مثل مجالس العمال ولجان المعامل ، ليس لهذا اى علاقة باستيلاء البلاشفة على السلطة فى اكتوبر تشرين الأول 1917
بشكل مشابه فى الثورة الهنغارية لعام 1956 اقام العمال مجالس العمال عندما واجهوا مضطهديهم الشيوعيين فى ايام مايو آيار من عام 1968 فى فرنسا تم الاستيلاء على المعامل والجامعات وفى كثير من الحالات أديرت وفق قواعد قريبة من القواعد اللاسلطوية " الأناركية " ..
من حركات العمال هذه تطورت اللاسلطوية كقوة بين أكثر العمال وعيا طبقيا ، بدأت فى القرن التاسع عشر فى الأممية الأولى، حيث ظهر تيار لاسلطوى متمايز،تحت تأثير الثورى الروسى ميخائيل باكونين وأصدقائة ورفاقة .
منذ ذلك اليوم كان للاسلطوية تأثير هام على حركات الطبقة العاملة على امتداد العالم، من امريكا اللاتينية الى المانيا الى السويد ، الى الصين واليابان واصبحت متجذرة عميقا ومؤثرة فى منظمات النضال الطبقى للعمال فى ايطاليا ، واسبانيا ، والبرتغال .. ولعبت دورا فى كل الثورات المعاصرة الكُبرى ..
دافع الأناركيون وناضلوا دوماً عن حاجة العمال لتولى زمام المجتمع وادارتة ، وان يأخذوا فى ايديهم السيطرة على معاملهم ، وحذروا من امكانية تسلق اى حزب او آخرين الى السلطة على ظهور الطبقة العاملة اثناء هذه الفترة الثورية .
أثناء الثورة الروسية عام 1917  ما حذر منه الاناركيون من ان النضال قد جرى اختطافة من قبل المحترفين والسياسيين قد ثبت انه حقيقى . لعب المناضلون الأناركيون دوراً فاعلاً وهاماً بين الجنود المجندين، الذين رفضوا مواصلة القتال فى الحرب العالمية وشاركوا فى الاحتجاجات فى المدن والريف، وساعدوا فى اسقاط النظام القيصرى ، وحكومة الطبقة الوسطى التى تلته .
مع تقدم عام 1917 اصبح العمال اكثر كفاحية وراديكالية واستولوا بحماسة على ادارة المعامل وطالبوا بوضع نهاية لنظام الهيمنة القديم، استولى الفلاحون على الاراض وعاد الجميع من العمال والفلاحين الى بيوتهم ؛ الشعار اللاسلطوى " الارض لمن يعمل بها " " المعامل لمن يعمل فيها " وكل السلطة للسوفيتتات ( مجالس العمال ) اخذها منهم الحزب البلشفى الشيوعى ، بطريقة ماهرة وسريعة خدع لينين الجماهير ليستولى على السلطة، اصبح العمال خاضعين لديكتاتورية الحزب على الفور تقريبا هذه الديكتاتورية التى اصبحت أكثر وحشية بشكل متزايد مع مرور السنين ..
كانت الحركة اللاسلطوية ايضاً ضحية للقمع البلشفى وأعدم الكثير من الاناركيين وسجنوا وتم نفى بعضهم ،خاف البلاشفة للتأثير المتزايد للاسلطويين بين الجماهير ـ كان اللاسلطويين فى الخط الامامى لاقامة لجان المعامل لادارة المصنع ،
فى أوكرانيا لعبت الحركة الماخنوفية، تحت قيادة المناضل اللاسلطوى " ناستور ماخنو " دوراً رئيسياً فى هذيمة الجيوش البيضاء "القيصرية" ، التى كانت تتقدم فى طريقها لسحق الحكومة البلشفية فى بتروغراد . لقد انقذوا حياة النظام البلشفى حرفياً ، لكن هذا لم يعفهم من هجمات لينين وتروتسكى، وأُجبر الماخنوفيون على القتال على عدة جبهات ضد الاعداء المتفوقين وهزموا فى نهاية المطاف ..  لكن على الرغم من ذلك وفى ظروف حربية صعبة للغاية ،حاولوا تحقيق الملكية الجماعية للاراض فى المنطقة التى كانت تحت سيطرتهم ..
ايضاً فى قاعدة كرونشتادت البحرية، وصم البحارة والجنود الثوريون الذين وصفوا فى عام 1917 بأنهم ( زهرة الثورة ) ، من قبل القيادة البلشفية، فى عام  1921 على انهم من "الثورة المضادة "و"حراس بيض " . ما كانت جريمتهم !؟
لقد انتقدوا ببساطة الديكتاتورية البلشفية على السوفيتتات التى كانت قد اصبحت الآن اشكالا فارغة عوضا عن ان تكون منظمات للسلطة العُمالية ،بحارة كرونشتادت بردة فعلهم على الوحشية الرهيبة للسياسات البلشفية وفساد الدولة ومقننات الجوع، كانوا فى الحقيقة يحيون القضية اللاسلطوية ضد الدولة، وبسبب هذه الجرأة تعرضوا للمذبحة .
فى اسبانيا عام 1936 واجهت الحركة الاناركية واحدة من اعظم تحدياتها، وفتحت المجال امام ثورة تلهمها الافكار اللاسلطوية ، النقابة اللاسلطوية الجماهيرية ، الكونفيدرالية الوطنية للشغل ، والمنظمة اللاسلطوية الفيدرالية الايبيرية ( او الفيدرالية اللاسلطوية " الاناركية " الاسبانية ) ، كانوا فى الخط الاول للقتال عندما حاول فرانكو " مدعوما من الجيش، والفاشيين،والملكيين والكنيسة الكاثوليكية " الاطاحة بالحكومة الجمهورية، فى العديد من المناطق هُزمت قوات فرانكو اول الامر من قبل العمال والفلاحين المسلحين فى مناطق ككتالونيا وآرغون، سيطر العمال والفلاحون على شؤون حياتهم، واصبحت الارض والمعامل ملكية جماعية بينهم،لكن اللاسلطوية الاسبانية التى كانت قد تأسست اساسا حول النقابات، كان يعوزها الادراك السياسى وسرعان ما كانت عرضة لتلاعب سياسى الحكومة الجمهورية و " الشيوعية " ، ادى هذا للاسف الى المساومة على الكثير من المواقف والسياسات الاناركية، هزمت اللاسلطوية الاسبانية ليس فقط من قبل الفاشين ورأس المال الكبير بل ايضاً من قبل الستالينيين وبسبب ضعف سياستها الداخليه نفسها .
خلاصة تطور الاناركية المسجلة هنا تظهر ان التغيير الحقيقى يمكن ان يحدث فقط من قبل العمال الذين تلهمهم اللاسلطوية ، واللاسلطوية ليست حلماً طوباوياً ، انها تيار تحتى ( قاعدى ) دائم الوجود فى ممارسة الطبقة العاملة، المهمة المطلوبة هى فى جعلة التيار الرئيسى، بينما قد يسعى العمال الى الحلول التحررية لمشاكلهم فى الفترات الثورية ، فهناك أخرون مثل التروتسكيين وسياسى الطبقة الوسطى الذين يحاولون استخدامهم لكى يتسلقوا الى السلطة 
كان الاناركيون سذجا فى الماضى،رأوا اعداءهم الرئيسين (عن حق) على انها الرأسمالية الكبيرة والدولة لكنهم لم يكونوا واعيين بما يكفى بالمخاطر التى يمثلها أولئك الذين يدعون انهم جزء من حركة العمال ..
لهذا السبب نحتاج الى منظمة لاسلطوية كبيرة حسنة التنظيم واعية سياسياً ، منظمة كهذه ستترك رؤى بديلة للمستقبل وستتطور الافكار اللاسلطوية وتقدم حججاً معارضة للاشتراكيين الدولتيين والليبراليين وبقية الاصدقاء المزيفين للطبقة العاملة، إن اعداء الاناركية جيدو التنظيم، ولذلك تحتاج الاناركية لأن تكون أفضل تنظيماً ، المساعدة بإقامة مثل هذه المنظمة هى مهمة الفيدرالية اللاسلطوية ( الأناريكة ) ،،
.... تابع قراءة التدوينة

ثورة على الجنرال






مهما القلم يكتب ،، قلب البلد موجوع 
سكت الكلام ـ مات الوئام
ورجعلنا المخلوع !
عايش كما الخالق
استغفرك ربى
بالدم تتعايق
تقبض على قلبى
تحبسنى خلف السور
ما ادرى بشكل النور
و دارير عليك الدور
ياللى انت متخبى

ثورة على الجنرال
ندل وخسيس .. بطال
سارق صباح الدار
لكن طالعلى نهار
راجع يجيب حقى
.... تابع قراءة التدوينة

كتاب ـ الأناركية كما نراها ـ ترجمة : مازن كم الماز -1


مقدمة :
العالم الذى نعيش فيه عالم غير معقول ( لا يخضع للعقل ) . حيث يجوع الملايين فى العالم الثالث بينما يراكم المجتمع الاقتصادى الطعام الذى لا يجد من يشترية ، يستخدم قادة العالم العنف لتعزيز السلام . تقاتل الشعوب الصغيرة جيرانها فى سبيل أجزاء صغيرة من الاراضى . تضع الحكومات المكاسب قصيرة الامد قبل الحفاظ على موارد الكوكب . تكدح الغالبية العظمى من العالم من أجل البقاء ، بينما تعيش قله قليلة فى ترف بلا حدود ، الفقراء مضطهدون فى كل مكان من العالم . بينما يواجة النساء والسود إضطهاد وصعوبات إضافية ..


فى مواجهة هذا الجنون تقترح الفيدرالية اللاسلطوية ( الأناركية ) عالما مختلف بالكامل ؛ عوضاً عن النهب ندافع عن التعاون ، ويجب استبدال الفقر المصطنع بالوفرة للجميع ، يجب ان نعيش فى تناغم مع الكوكب لا ضده ، نظام الحكومة والاستغلال الذى اعتبر بديهيا يجب التخلص منه .. نريد هنا ان نشرح ما هو البديل الشيوعى اللاسلطوى ( الأناركى ) ، فعوضاً عن أن يكون مجرد حلم طُوباوى ، انه فى الواقع يقدم أفضل حل ممكن ، عقلانى وعاقل لمشاكل العالم ..


أولاً : نظــام العــفن ـ
نعيش فى عالم غنى ومزدهر . عندما تفكر فى الفقر فى هذا العالم يبدو من الصعب تصديق انه يوجد هناك اكثر مما يكفى للجميع . ينتج ما يكفى من الغذاء فى الواقع ليطعم 3 مرات أكثر مما هو عليه الان . لكن مايزال هناك أُناس لا يحصلون على هذا الغذاء ، بينما يستطيع البعض انفاق الملايين على الحفلات والمآدب لأصدقائهم الأثرياء . حقيقة اننا نعيش فى عالم تسيطر عليه طبقة واحدة شئ واضح لكل شخص . لكن ما الذى نعنية بالطبقية ؟ بأبسط ما يمكن هناك طبقتان : أولئك الذين يلعبون دوراً رئيسياً فى السيطرة على ثروة وموارد العالم ، طبقة السادة الرأسماليين و أولئك الذين عليهم ان يعملوا او ان يحصلوا على المعونات لكى يبقوا على قيد الحياة . اى الطبقة العاملة ..


النظام الطبقى هو جزء ضرورى وأساسى من النظام الاقتصادى الذى يؤثر على حياة كل شخص بسيط فى العالم ، يسمى هذا النظام بـ " الرأسمالية " ورغم أنه يغير شكلة من وقت لأخر،فإنه قد اصبح القوة المهيمنة فى المائتى سنة الأخيرتين ، ذات قدرة عاليه على التكيف؛ وفاسدة وشاملة لك شئ فى نفس الوقت فإن الرأسمالية تُرى من قِبل كل شخص تقريباً على إنها طبيعة وحتمية . لكن الأمر ليس كذلك ..
رغم أن الرأسمالية نظام عالمى للإستغلال واللصوصية حيث تعمل الشركات متعددة الجنسيات فى كل مكان ، فإن أساسة بسيط جداً . ينتج الثروة فى الأساس الناس الذين يستخدمون الأدوات ليحولوا المواد الخام المأخوذة من الطبيعة . لكى يبقوا على قيد الحياة يجبر العمال على ان يبيعوا عملهم ( أو ما يسمى بـ " عبودية العمل المأجور " ) ، وذلك بسعر السوق . فى أثناء عملهم يصنع العمال البضائع التى هى جزء من الحياة اليومية ويوفرون الخدمات . لكن المكافأة التى يحصل عليها العمال بشكل أجور أقل من قيمة المنتجات والخدمات التى أنتجوها .
الفرق فى القيمة بين ما انتجة العمال وما يكسبونه هو أساس الربح الذى يذهب الى الرأسمالى . بهذه الطريقة يتعرض العمال فى كل مكان للسرقة من حصتهم فى موارد الأرض ومن قيمة عملهم . بهذا المعنى فإنهم يتعرضون للإستغلال من خلال قيمة عمل ملايين العمال . يزيد الرأسماليون من قوتهم وثروتهم .


الرأسمالية هى نظام للمنافسة الشديدة العنيفة ، وهى نظام غير مستقر الى حد كبير . تقود الرأسمالية الى أزمات إقتصادية متكررة يمكن فيها الرأسماليون فقط أن ينجو ( يبقوا ) على حساب العمال ، وتتشكل حالة من البطالة الجماعية التى هى ميزة واسمة لحياتنا اليوم ..
تنتج الرأسمالية الأشياء مقابل الربح عوضاً عن أن تفعل ذلك فى سبيل الحاجة " لتلبية الحاجات " . لذلك عوضاً على ان تنتج عددا قليلاً من المُنتجات المُفيدة . تحاول الشركات بإستمرار أن توسع عدد منتجاتها فى سبيل الربح . لذلك نجد فى الأسواق المركزية ( السوبر ماركت ) مزيلات الروائح ، معاجين الاسنان ، بودرة الغسيل .. الأسواق المركزية ( السوبر ماركت ) مثل ، تيسكو ، سينسبرى وآسادا جميعها تبيع نفس المنتجات تقريباً ولجميعها نفس الحافز : أن تجعل المستهليكن  يشترون بضائعها . عوضاً عن أن تكترث بتوفير الأشياء الضرورية لبقائنا ، فإنها تهتم فقط بجنى الأرباح ، لا يكفى أن تكون جائعاً . يجب أيضاً أن تملك المال وسيفضل صانعوا الارباح ترك الطعام يتعفن من أن يطعوه للجوعى والفقراء .
هذا يصبح صارخا ( واضحا ) أكثر عندما تكنز دول المجموعة الأوربية جبالا من اللحم والزبد والحبوب بينما تضرب المجاعة الرهيبة  أجزاء كبيرة فى أفريقيا . فى هذا السياق لإن الافعال الخيرية غير ذات أهمية . إن خلق جبال الغذاء هو نتيجة للنقص المفروض ، الذى يعنى فى السوق، اسعارا اعلى وارباحا أكثر ، بيروقراطيو المجموعة الأوربية يفضلون رمى جبل الغذاء هذا فى البحر، عن أن يهددوا الربحية أوالارباح . هذا الشئ يحدث فى كل العالم ..
بحثاً عن الأرباح انتقلت الرأسمالية الى عصر الإستهلاك . يطلب الينا ان نشترى ونشترى ونشترى ، حتى الاطفال ليسوا آمنين من المعلنين الذين يقتحمون بيوتنا ويغطون كل بقعة متاحة بلوحات اعلاناتهم وشعاراتهم وشارات متاجرهم . لا تستطيع الصحف والمجلات البقاء ما لم تُحشى بالإعلانات ..  بمساعدة المصادر التكنولوجية الهائلة تخلق الرأسماليةه منتجات جديدة تتفوق على السابقة ؛ أنظر فقط على تغير تكنولوجيا الكاميرات على مر السنين ، أن اعجوبة السنة الماضية من التكنولوجيا أصبحت لاغية اليوم . علينا ان نشترى أخر منتج .. افضل منتج


نزعة استهلاكية كهذه ليست قاصرة على البلدان الغربية المتقدمة ، حتى أفقر المدن الافريقية تغطيها الاعلانات التى تحث الناس على شراء منتجات غير نافعة وحتى خطيرة
، لكنها الطبقة العاملة فى العالم الثالث هى التى تعانى أشد من غيرها ، بسبب الرأسمالية العالمية . بينما تحصل الطبقة الحاكمة على نصيبها من الثروة ـ فمواردها منهوبة ـ ويجبر عمالها فقط على الحياة بمستوى يسمح لهم بالبقاء على قيد الحياة ، اجزاء كثيرة من أفريقيا لا تستطيع ان تطعم شعوبها ـ لكنها تزرع الغذاء لغايات التصدير ! 
أصبح جنوب شرق آسيا محل العمل الشاق ومبغى العالم فى نفس الوقت فى كل مكان ، تخترق الرأسمالية كل جوانب الحياة .. حقاً انه نظام عفن ،،


ثانيا : السيطـرة الإجتمـاعية -
نتيجة للحياة فى ظل نظام كهذا ، يصاب الكثير من العمال بالحيرة ( التشوش ) بشكل طبيعى لدرجة او أخرى فى معظم الوقت ، للحفاظ على السلام والنظام فى المجتمع ، ظهرت مجموعة كاملة من الاساليب للسيطرة على البشر ، أكثرها قوة هى الدولة، مع ذلك توجد تقنيات السيطرة الاجتماعية فى كل مستويات المجتمع ،،
تعمل الدولة متحالفة مع الرأسمالية ، التى تتقاسم معها كثيراً من المصالح المشتركة ، تقدم الرأسمالية للدولة نظاماً إقتصادياً يمولها من خلال الاستغلال ـ الدولة بدورها توفر نظاما يسمح للرأسمالية بالقيام بأعمالها بشكل جيد ، فى بلدان مثل كوبا ، كوريا الشمالية ، الصين .. الخ ، فانهما تندمجان فى نظام واحد ان افضل وصف له هو " رأسمالية الدولة "


الدولة هى فى الاساس نظام للعنف المُنظم للحفاظ على هيمنة الطبقة الرأسماليه الحاكمة . لكن النظام أفضل ما يحقق من خلال قبول الناس ، أكثر منه من خلال القوة العارية ( المباشرة ) . بالنتيجة ، تحتوى الدولة المعاصرة على عناصر تهتم بمحاولة جعلنا نُفكر بطرق معينة ونتصرف كمواطنين مطيعين ! للدولة أيضاً وجه لطيف ظاهريا فى انها توفر منافع رفاهية يفترض ان تكون لمساعدة الفقير ، المريض ، المتقدم فى السن .
عبر أساليب الحكومات التى تعمل داخل النظام البرلمانى والخدمة المدنية ، تسيطر الدولة على عملياتها ، القوات المسلحة ،قوة الشرطة ، المحاكم والسجون .. جميعها تعمل لتسيطر علينا جسديا ( مادياً )  انهم عملاء وحشيون ( قُسـاة ) يوقعون العقاب بنا اذ حاولنا مناقشة " حقهم " فى حكمنا .. الدولة وقوات القمع التابعة لها ليست محايدة بأى حال من الاحوال ، وتعارض بقوة النضال فى سبيل التحرر.
دولة الرفاه ، منظومة المدارس والعمال الاجتماعيين .. الخ ، يبدو انهم جميعاً يحملون مصالحنا فى قلوبهم لكنهم فى الواقع اشكال مختلفة وأكثر تخفياً فقط للسيطرة أو انها قد اصبحت ضرورية لأسباب اقتصادية .
توجد الخدمة ( الرعاية ) الصحية اساساً للحفاظ على قوة عمل جيدة الصحة لكن فقط للدرجة التى يحتاج فيها النظام الى عمال أصحاء ليعملوا . تناول السجاير والكحول سببان هامان للمرض، لكنهما يمنحان للدولة قدراً كبير من المال بشكل ضرائب !
ولذلك لم تكن هناك اى محاولة جدية لتقويض ربحية هاتين الصناعتين .. فقط الارباح تأتى قبل الصحة !!
بشكل مشابة فأن منظومة التعليم ، بطريقة أكثر وضوحاً تنظم لتؤمن قوة عمل يمكن ان تقرأ وتكتب وتقوم بالحسابات الأساسية ، أضافة الى تعلم كيف تطيع الأوامر وتقبل السيطرة من الأعلى ، يملأ المعلمون رؤوس تلامذتهم الصغار بالافكار المقبولة من طرف الطبقة الحاكمة ..
هذه الافكار تعززها وسائل الاعلام الجماهيرية بما فى ذلك التليفزيون والراديو ، صناعة الافلام ، المجلات ، يقومون فيما بينهم بخلق منظومة أفكار تعرف عادة بالـ حس " الرأى " العام ... والراى العام هو منظومة القيم الدارجة للطبقة المستغلة التى تقف فى مواجهة الطبقة العاملة . هكذا فإن الدين ، القومية ، العنصرية ، الوطنية ، والتميز الجنسى التى تضعف من تضامن الطبقة العاملة تصبح شائعة بين الطبقة العاملة ذاتها .


كل هذه العوامل تساهم فى الوهم بأن هناك حرية ، عدالة ، مساواة وديمقراطية ، بينما تقوى فى الحقيقة قبضة الرأسمالية والدولة .. 
خذ الديمقراطية كمثال ؛ اياً كان الحزب الذى يربح الانتخابات العامة ، فإن الرأسمالية والدولة تبقيان بمنآى عن اى تأثير او تغيير الى حد كبير ، ستبقى الطبقة العاملة عُرضة للاستغلال والاضطهاد وسيحتفظ الاغنياء والأقوياء بإمتيازاتهم ، بما ان حزب المحافظين منخرط بشكل اكثر مباشرة فى اقامة الهيمنة ، فانه فى مواقع افضل للنجاح فى الانتخابات ، اما حزب العمال حتى عندما يعطى فرصة الحكم فإنة يتصرف بمثابة عميل أليف للرأسمالية ..
خارج الدولة توجد منظمات تدعى تمثيل مصالح الطبقة العاملة بينما تساعد فى حقيقة الأمر فى الحفاظ على منظومة الاضطهاد والاستغلال ، النقابات هى امثلة على هذه المنظمات  ، اولا انها تضعف اى احساس بالهدف والتضامن داخل المعامل والصناعات بتقسيم العمال حسب مستوى مهاراتهم، هذا يؤيد الاختلافات فى الدخل والوضعية ( الاجتماعية ) داخل الطبقة العاملة ، وبخلق " ارستقراطية عمالية " ، ثانيا تنظيم النقابات غالبا على اساس الصناعات وبهذا فإنها تقسم النضال ، كم مرة كسرت الاضرابات فى صناعات مختلفة . فقط لكى يستفاد بها واحدة تلو الاخرى ؟
النقابات هى ايضاً منظمات بيروقراطية ذات مصالح منفصلة عن مصالح العمال الذين تدعى قيادتهم .. يريد اعضاء النقابات ان ينتصروا فى الاضرابات ، يريد قادة النقابات ان يحافظوا على نمط حياتهم المريح . عندما يتعارض هذان الاثنان يتعرض العمال للخيانة ، بيروقراطيات النقابات منخرطة بشكل عميق فى الرأسمالية من خلال استثماراتها ، ملكياتها الخاصة .. الخ ،
كل عملية التفاوض بين النقابات والادارة ( التى تعرف بالمفاوضة الجماعية ) تخدم فقط فى أفضل الاحوال حصول العمال على بعض الفوائد الاضافيه بينما تحافظ على منظومة الاستغلال سليمة .
على مستوى أخر .. يتعلم الاطفال غالبا من آبائهم ( كما فعلوا هم من آبائهم ايضا )
افكار سيطرة الذكر ،العنصرية ،الوطنية ، وضرورة الهيمنة والخضوع .. الطرق التى يقدم فيها الناس لعضهم البعض تعزز غالبا من هذه المظالم الفردية التى يجب تحديها ،،



.... تابع قراءة التدوينة

- الأبنودى - رسالة الى المجلس العسكرى


.... تابع قراءة التدوينة

ـ كتاب الأناركية مجتمع بلا رؤساء ـ لـِ : أحمد زكى ـ 1


 


   
_ الاناركية مجتمع بلا رؤساء او المدرسة الثورية التي لم يعرفها الشرق
 

   إعداد وعرض:احمد زكي
مقدمة:

في العالم اليوم...
"من أوروبا الشرقية حتى الأرجنتين، ومن سياتل حتى مومباي، تتوالد من الأفكار والمبادئ الأناركية رؤى وأحلام راديكالية جديدة. وغالبا لا يطلق أولئك المدافعون عن هذه الأفكار على أنفسهم اسم: "الأناركيون". انهم يسمون انفسهم أسماء اخرى مثل انصار "التسيير الذاتي - autonomism، مناهضة السلطوية - anti-authoritarianism، العمل الافقي - horizontality، الزاباتاوية - Zapatismo، الديموقراطية المباشرة - direct democracy..". الا ان المرء يستطيع ان يميز في هذه الفرق جميعها نفس جوهر المبادئ الاناركية: اللامركزية، الانضمام الطوعي للجمعيات، المعونة المتبادلة، انماط شبكات العمل، وفوق كل شيء، نبذ فكرة أن الغاية تبرر الوسيلة، بل وإهمال فكرة أن شغل الفرد الثوري الشاغل هو الاستيلاء على سلطة الدولة ثم يبدأ، بعد ذلك، فرض افكار جماعته بقوة السلاح” .
وفي التاريخ القريب بالامس...
ارتفعت راية الاناركية وسط اهم احداث التمرد الاجتماعي في تاريخ الغرب الحديث: من كوميونة باريس1871، وعبر الثورة الروسية 1917، الى الحرب الاهلية الاسبانية 1936-1939.
في كل عصر ومع كل مجتمع، تتغير ملامح الاناركية ويتغير وجودها المادي، "...حتى ان الاناركية الان كفكرة، وفوق كل شيء، كأخلاقيات للممارسة العملية – قد تطورت لتصبح فكرة بناء مجتمع جديد ’من داخل قشرة القديم‘” . ومع ذلك، الاناركية دون شك هي فكرة من اكثر الافكار التي ساء تصويرها في النظرية السياسية!
ما هي الاناركية؟
الاناركية كلمة يونانية تتكون من مقطعين: "أنا"، و"آركي"، حيث كلمة "أنا" تعني "دون"، وكلمة "آركي" معناها "رئيس" او "سلطة"، اي هي الفكرة الداعية الى مجتمع "دون رؤساء" او "دون سلطة". لذا، فالاناركية في التحليل الاخير هي اسم اصطلح على اطلاقه على تلاوين شتى من تيار عريض من تيارات الحركة الاشتراكية الحديثة، نشأ من رحم الثورة الفرنسية الكبرى (1789 – 1815) التي كانت اهم العلامات الفارقة على اجتياح وسيادة النظام الرأسمالي مجتمعات الغرب بداية ثم توسعه وانتشاره حتى شمل مجتمعات الكوكب كله تقريبا.
تفترض معظم بيانات تاريخ الأناركية أنها كانت مماثلة جوهريا للماركسية: برزت الأناركية كبنات أفكار لعدد معين من مفكري القرن التاسع عشر (برودون، وباكونين، وكروبتكين...)، واستمرت حينئذ في الهام منظمات الطبقة العاملة، والمضطهدين اجتماعيا، ودخلت في نسيج النضالات السياسية وانقسمت إلى شيع...
ولا يعني الأناركيون بفكرة "مجتمع بلا رؤساء"، انه مجتمع يتكون من نمط واحد لافراد متماثلين في كل شيء، حتى انك لا تستطيع التمييز بينهم، بنفس القدر الذي لا تستطيع التمييز به بين اصناف الدجاج الذي تنتجه صناعة الدواجن الحديثة. بل إن الأمر عند الأناركيين هو، للمفارقة، النقيض من ذلك تماما. فهذه المدرسة الثورية، على اختلاف جماعاتها، تشترك في اعلاء قيمة الحرية الفردية، وكراهية الايديولوجيا، وتعلو بمرتبة الحرية الشخصية علوا سامقا. بل ان هناك من تلاوينها من يصل بقدسية الحرية الشخصية الى حدها الاقصى – فريق "الفردويين – individualists"، ومنهم حتى من يرفض التكنولوجيا الحديثة بما تمليه على البشر من اعتمادية وما تفرضه من تقسيم للعمل وبناء هياكل تراتبية لتسيير المجتمع، وبالتالي التنازل عن حريتهم الشخصية مقابل ما يقدمه لهم هذا التطور التكنولوجي من تسهيلات في المعيشة اليومية (البدائيون primitivists).
يرفض الاناركيون القبول بفكرة ان تحتكر قلة من افراد المجتمع ايا كانت مبررات وجود هذه القلة امتيازات يترتب عليها حصولهم على منافع وفوائد لا تنعم بها الاغلبية. ويرون ان هذا الاحتكار سوف يمكن هذه القلة من تملك سلطة اتخاذ القرار في مختلف اوجه المعيشة على حساب مصلحة الاغلبية.
على ان كلمة "الاناركية" في معظم اللغات الاوروبية، فضلا عن كونها اسم لهذه المدرسة من الاشتراكية، فهي تستخدم لغويا ايضا بمعنى "الفوضى". او، على حد تعبير اريكو مالاتيستا : "حيث ان المعتقد الشائع هو ان الحكومة امر ضروري وانه دون حكومات لا يمكن وجود سوى الفوضى والاضطراب، من الطبيعي والمنطقي ان الاناركية، والتي تعني غياب الحكومة، يجب ان تعني غياب النظام العام" .
وعند ترجمة الصحافة السياسية العربية لهذا المصطلح السياسي حول بدايات القرن العشرين، لم تستعمل هذه الصحافة المصطلح السياسي – الاناركية - ولكنها استخدمت الاستعمال اللغوي الاوروبي الشائع للكلمة، "الفوضى"، واشتقت منه اسما للحركة - "الفوضوية". ولهذا اصبح من الطبيعي ان تشتق اسما للداعين لها وهو "الفوضويون" اي الداعون الى الفوضى وشريعة الغاب. وهكذا اتفق الشرق والغرب على امر وهما نادرا ما يتفقان.
ولكن ببساطة، لم يكن ابدا المعنى الاصلي الضيق لكلمة اناركية هو "لا حكومة" وفقط. الاناركية معناها هو "دون رؤساء"، او المعنى الاكثر شيوعا، "دون سلطة"، وهو المعنى الذي يستخدمه الاناركيون باستمرار. مثلا نرى كروبتكين يدافع عن الاناركية بمنطق أنها "لا تهاجم فقط الرأسمال، ولكنها تهاجم ايضا المصدر الاكبر لسلطة الرأسمالية: القانون والسلطة والدولة".
لهذا السبب، بدلا من كون الاناركية مناهضة للدولة او للحكومة بشكل صرف، فهي اوليا حركة ضد التراتب الهرمي في المجتمعات. لماذا؟ لان التراتب الاجتماعي الهرمي هو الهيكل التنظيمي الذي يجسد السلطة. وحيث ان الدولة هي الشكل "الاعلى" للتراتب الهرمي، فالاناركية، بحكم التعريف، معادية للدولة؛ ولكن هذا لا يصلح ان يكون تعريفا كافيا للاناركية.
هذا يعني ان الاناركيين الحقيقيين يعارضون كل اشكال التنظيم التراتبي الهرمي، وليس الدولة فقط. في كلمات بريان موريس : "الاناركيون هم اناس يرفضون كل اشكال الحكومات او السلطة القهرية، كل اشكال التراتب الهرمي والهيمنة. لذلك هم يعارضون ما تسميه الناشطة الحركية المكسيكية فلوريس مورجان ’الثالوث الكئيب‘ – الدولة والرأسمال والكنيسة. وهكذا يصبح الاناركيين معارضون لوجود الدولة والرأسمالية كلتيهما، اضافة الى كل اشكال الدين والسلطة. ولكن الاناركيين يسعون ايضا الى تأسيس او الى حدوث شروط تحقيق اناركية اجتماعية، بمعنى، مجتمع لا مركزي دون مؤسسات قهرية، مجتمع ينتظم من خلال فدراليات للجمعيات الطوعية"
وتأتي فكرة "التراتب الاجتماعي الهرمي" في هذا السياق كتطور اخير في فكر الاناركيين؛ الاناركيون "الكلاسيكيون" أمثال برودون وباكونين وكروبتكين استخدموا هذه الكلمة ولكن في احوال نادرة، كانوا يفضلون استخدام كلمة "السلطة"، والتي كانت تستخدم اختصارا لكلمة "سلطوية". ومع ذلك، يتضح من كتابات هؤلاء الرواد الثلاثة ان اناركيتهم كانت فلسفة ضد التراتب الاجتماعي الهرمي، وضد التفاوت في السلطة والامتيازات بين الافراد. تكلم باكونين عن ذلك عندما هاجم السلطة "الرسمية" ولكنه دافع عن "النفوذ الطبيعي"، وايضا عندما قال: "هل تريد ان تسمح لأي فرد ان يظلم اخيه الانسان؛ ثم تبات متأكدا ان السلطة لن يحتكرها احدا؟"
وبشكل اكثر عمومية في كلمات ل. سوزان براون ، "الصلة الموحدة" بين الاناركيين هي "ادانة عامة للتراتب الهرمي والسيطرة واستعداد للقتال من اجل حرية الانسان الفرد ".
وفقط لتقرير ما هو واضح، الاناركية لا تعني الفوضى ولا يسعى الاناركيون لخلق الفوضى او حالة انعدام النظام العام. على العكس، يرى الاناركيون انهم يرغبون في خلق مجتمع يقوم على اساس الحرية الفردية والتعاون الطوعي. بكلمات اخرى، هم يقولون بفكرة ان النظام العام يبنى من اسفل لاعلى، وليس النظام المختل المفروض من اعلى على من هو ادنى بواسطة اشكال متنوعة من السلطة. مثل هذا المجتمع سوف يكون مجتمعا اناركيا حقيقيا، مجتمعا بلا رؤساء.
وقد لخص نعوم شومسكي الملمح الرئيسي للاناركية في حوار له حول الاناركية، عندما قرر انه في مجتمع حر عن حق "اي تفاعلات بين البشر في مستوى اكثر من كونه تفاعلات شخصية – بمعنى تفاعل يتخذ اشكال مؤسسية من نوع او اخر – في المجتمع المحلي، او في مكان العمل، او في العائلة او في المجتمع الاوسع، مهما يكون شكله، يجب ان يخضع هذا التفاعل للسيطرة المباشرة للمشاركين فيه. وبالتالي، الامر يعني إنشاء مجالس العمال في الصناعة، وإقامة الديموقراطية الشعبية في التجمعات السكانية المحلية، والتفاعل بين هذه الاشكال، وإنشاء جمعيات حرة للجماعات الاكبر، حتى نصل الى تنظيم المجتمع الدولي ذاته ".
ترفض الاناركية انقسام المجتمع في تراتب هرمي من رؤساء للعمل اسفلهم عمال، أو الى حكام ومحكومين. في الاخير، تنادي الاناركية بمجتمع يقوم على اساس جمعيات حرة طوعية من تنظيمات تشاركية تدار من اسفل الى اعلى.
اشتراكية الاناركية
يقول بيتر كروبتكين، الاناركية هي "النظام الاشتراكي بلا حكومة" .
لذلك، الاناركية هي نظرية سياسية تستهدف خلق مجتمع بلا هياكل هرمية تراتبية سياسية او اقتصادية او اجتماعية. تصر الاناركية على ان غياب الحكام والرؤساء، هو شرط حيوي للنظام الاجتماعي ومجتمع بهذا الشكل هو مجتمع يعمل من اجل تعظيم الحرية الفردية والمساواة الاجتماعية. انهم يرون في هدفي الحرية والمساواة عونا ودعما ذاتيا لبعضهما البعض. او كما في القول المشهور عن باكونين: "نحن مقتنعون ان الحرية دون اشتراكية هي امتياز واجحاف، وان الاشتراكية دون حرية هي عبودية وبربرية" .
وفي الوقت الذي توجد فيه فرق مختلفة من الاناركيين (من الاناركية الفردوية الى الاناركية الشيوعية) الا ان هناك موقفان مشتركان في جوهر افكار الاناركيين يجمعان بينهم كلهم في تيار واحد، وهما: معارضة وجود الحكومات، ومعارضة وجود الرأسمالية.
ففي كلمات الاناركي الفردوي بنيامين توكر ، تصر الاناركية على "الغاء الدولة والغاء الربا الفاحش؛ نهاية حكم الانسان لأخيه الانسان، ونهاية استغلال الانسان لأخيه الانسان". يرى كل الاناركيين في الربح، والفائدة والريع ربا فاحشا (اي استغلال) ولهذا هم يعارضون هذه الاشكال الثلاث، ويعارضون الشروط التي تخلقهم بنفس القدر الذي يعارضون به الحكومات والدولة.
بالنسبة للاناركيين لا يمكن للانسان ان يكون حرا، اذا ما كان خاضعا لدولة او لسلطة رأسمالية.
وهكذا الاناركية هي نظرية سياسية تدافع عن خلق مجتمع يقوم على اساس قاعدة "لا رؤساء". وحتى يتحقق ذلك، فهم "بالاشتراك مع كل الاشتراكيين، يصرون على ان الملكية الفردية للارض والرأسمال والالات انتهى زمانها؛ وانه بات محكوما على الملكية الفردية بالاختفاء: وان كل شروط الانتاج المسبقة تصبح وسوف تصبح هي الملكية الجماعية للمجتمع، وتدار وسوف تدار بشكل مشترك بواسطة منتجي الثروة انفسهم. و... يستمر الاناركيون في تأكيد ان النموذج المثالي للتنظيم السياسي للمجتمع هو حالة الاشياء حين تختزل وظيفة الحكومات الى الحد الادنى... [و] ان الهدف النهائي للمجتمع هو اختزال وظيفة الحكومات الى لا شيء – بمعنى، مجتمع دون حكومات" .
على ان معارضة الاناركية للتراتب الاجتماعي الهرمي، لم تقتصر على مجرد معارضة الدولة او الحكومة. فمعارضتهم تلك تناهض كل العلاقات الاقتصادية والاجتماعية السلطوية كذلك، خصوصا تلك العلاقات الناشئة عن الملكية الرأسمالية والعمل المأجور.
في العموم يؤمن الاناركيون بتعددية وتنوع اشكال العلاقات داخل المجتمعات البشرية، كعمال منتجين في الصناعة، وكفلاحين في الزراعة، وفي الاخير كافراد منتجين في شتى مجالات المعيشة. ولكنهم لا يؤمنون بالملكية الشخصية لوسائل الانتاج وينادون ويعملون من اجل تفعيل اشكال الملكية الجماعية لوسائل الانتاج في المجتمعات الانسانية.
يمكننا رؤية ذلك عند برودون وحجته التي يسوقها للدفاع عن فكرته: "الرأسمال... في المجال السياسي صنو للحكومة... الفكرة الاقتصادية للرأسمالية، والفكرة السياسية للحكومة (او للسلطة)، والفكرة اللاهوتية للكنيسة هي ثلاث افكار متماثلة تماما، تتصل بطرق متنوعة مع بعضها البعض. الهجوم على واحدة منها يعادل الهجوم على الافكار الثلاث كلها.. ما يرتكبه الرأسمال في حق العمال، ترتكبه الدولة في حق الحرية، والكنيسة في حق الروح. ثالوث الاستبداد هذا ضار في الواقع العملي ضرره في الفلسفة. الوسيلة الاكثر فعالية لاضطهاد الناس سوف تكون تلقائيا استعباد جسدهم (الرأسمالية) واستعباد ارادتهم (الدولة) واستعباد عقلهم (الكنيسة)" . وهكذا نجد ايما جولدمان تعارض الرأسمالية حين تقول، "يجب على هذا الرجل [او تلك المرأة] بيع عمله" ولذلك، "تخضع ميولهما وحكمهما على الامور لارادة سيدهم" . قبلها باربعين عام وضع باكونين نفس الفكرة عندما دافع بقوله انه "في ظل النظام الحالي [الرأسمالي] يبيع العامل شخصيته وحريته لحصة معينة من الوقت" للرأسمالي صاحب العمل مقابل الاجر” .
وهكذا الاناركية هي كلا من نفي وايجاب. الاناركية تحلل وتنتقد المجتمع الحالي بينما هي في نفس الوقت تمنح رؤية لصورة مجتمع جديد – مجتمع يوفي بحاجات انسانية معينة ينكرها المجتمع الحالي على اغلب اعضاءه. تلك الحاجات، الاكثرها اساسية، هي الحرية والمساواة والتضامن.

ـ الاناركية والتغيير الاجتماعي ـ
يجب ان نلاحظ ان الاناركيين في عملهم لا ينتظرون لحظة قيام الثورة حتى يطبقوا افكارهم بل انهم يحاولون خلق كثير من صور هذا المجتمع في العالم المعاش: في منظماتهم، واساليب نشاطهم، بقدر استطاعتهم.
الاناركية توحد التحليل النقدي بالامل، كما يشير باكونين، "الدافع لأن تدمر هو دافع خلاق".
الا ان الاناركية هي ايضا اكثر من مجرد اداة للتحليل او اداة لرؤية المجتمع الافضل. الاناركية تضرب بجذورها في الكفاح، كفاح المظلومين من اجل حريتهم. بكلمات اخرى، الاناركية توفر وسائل تحقيق نظام جديد يقوم على احتياجات الناس، وليس السلطة، وهي تضع مصلحة الكوكب قبل الربح.
يقول المناضل الاناركي الاسكتلندي ستيوارت كريستي: "الاناركية هي كلا من نظرية وممارسة للحياة. فلسفيا تستهدف الاناركية اقصى توافق بين الفرد، والمجتمع والطبيعة. عمليا، تستهدف الاناركية بالنسبة لنا تنظيم حياتنا ومعيشتنا بطريقة تجعل من السياسيين والحكومات والدول وموظفيها امرا زائدا لا لزوم له. في المجتمع الاناركي، الافراد اصحاب السلطان والاحترام المتبادل سوف ينتظمون في علاقات غير ارغامية داخل مجتمعات لها حدودها الطبيعية يمتلكون فيها وسائل الانتاج والتوزيع بشكل مشاعي.
"الاناركيون ليسوا اشخاصا حالمين تسيطر عليهم هواجس المبادئ المجردة والابنية النظرية.. الاناركيون على دراية جيدة بأن المجتمع التام لا يمكن الظفر به غدا. فعليا، الكفاح يستمر الى الابد! ومع ذلك، الاناركية هي الرؤية التي تمنح الدافع والحافز للكفاح ضد الاشياء كما تكون، ومن اجل الاشياء التي قد تكون...
"في الاخير، الكفاح فقط هو ما يحدد النتائج، والتقدم نحو مجتمع محلي له معناه، يجب ان يبدأ بارادة للمقاومة ضد كل شكل من اشكال الظلم. بمعايير عامة، يعني هذا تحدي كل اشكال الاستغلال والاستهانة بشرعية كل السلطات الارغامية. لو ان لدى الاناركيين بندا واحدا من اليقين الذي لا يهتز، فهو يتمثل في انه، فور انتهاء الاعتياد على الرجوع بالامر الى السياسيين او الايديولوجيين، وفور اكتساب عادة مقاومة الهيمنة والاستغلال، فمن ثم، سوف يمتلك الانسان العادي الطاقة والقدرة على تنظيم كل جانب من جوانب حياته بما فيه مصلحته، في اي مكان وفي اي زمان، بحرية وبقدر طيب من الانسجام.
"لا ينزوي الاناركيون في ركن بعيدا عن الكفاح الشعبي، ولا هم يحاولون الهيمنة عليه. انهم يبحثون عن المساهمة عمليا بما يستطيعونه، وايضا يبحثون عن مساعدة الكفاح وفي داخله اعلى مستوى ممكن من التطور الذاتي للافراد ومن التضامن الجماعي. من الممكن التعرف على الافكار الاناركية المتعلقة بالعلاقات الطوعية، والمشاركة المساواتية في عمليات اتخاذ القرار، والمعونة المتبادلة والنقد المتعلق بكل اشكال الهيمنة في الحركات الثورية والاجتماعية والفلسفية في كل الازمان وفي كل مكان" .
يرى الاناركي الصربي اندريه جروباتشيك في الاناركية "ظاهرة اجتماعية يتغير محتواها بالإضافة إلى مظاهر نشاطها السياسى مع الوقت. فالطابع الوحيد ذو الطبيعة الخاصة المرتبط بالأناركية، هو أنها على عكس كل الأيديولوجيات الكبرى لا يمكن أن يتأتى لها وجود ثابت ومستمر على الأرض من خلال كونها سلطة حكومية أو لكونها جزء من النظام السياسى. يأتى تاريخ الاناركية وسماتها المعاصرة من عامل آخر – إنها موجات من الكفاح السياسى. نتيجة لذلك، ينتهي جروباتشيك الى ان الاناركية "تمتلك ميلا نحو "تعاقب الأجيال"، بمعنى انك تستطيع أن تحدد فى تاريخها موجات محددة المعالم جدا، طبقا لفترة الكفاح التى تشكلت فيها” .
تاريخيا، تشكلت الموجة الأولى للكفاح الاناركي خلال الصراع الطبقى فى غرب أوروبا منذ أواخر القرن التاسع عشر، وكان ممثلها النظرى والعملى هو جناح "باكونين" فى الأممية الأولى. تصاعدت بدايات هذه المرحلة من عام 1848، وبلغت ذروتها مع كوميونة باريس 1871، وترنحت طوال ثمانينات هذا القرن بعد هزيمة الكوميونة.
الموجة الثانية، من تسعينات القرن التاسع عشر حتى الحرب الأهلية الروسية (1918 - 1924)، شهدت هذه الفترة إزاحة واضحة لمركز الحركة الاناركية من أوروبا الغربية إلى أوروبا الشرقية وأصبحت لذلك تعطى اهتماما أوضح للفلاحين حيث ان تطور الصناعة في هذا الجزء من اوروبا كان لا يزال ادنى كثيرا من مستواه في غربها. ولهذا كانت شيوعية "كروبتكين " الأناركية، نظريا، هى السمة الغالبة. بلغت المرحلة قمتها مع جيش "ماخنو" الثوري في اوكرانيا الفلاحية ابان الثورة الروسية 1917، وانتقلت بعد انتصار البلشفية إلى أوروبا الوسطى متغلغة داخل التيارات الراديكالية التى كانت تعمل تحت السطح آنذاك.
تركزت الموجة الثالثة، من عشرينات القرن العشرين حتى أواخر الأربعينيات، فى وسط وغرب أوروبا مرة ثانية، وحصرت توجهها مرة أخرى في الطبقة العاملة الصناعية. نظريا، كانت تلك الفترة هي ذروة النقابية الأناركية (السينديكالية). أكثر الأعمال قام بها المنفيون الروس الذين طردتهم الثورة البلشفية من روسيا. وانتهت قمتها مع هزيمة الثورة في الحرب الاهلية الاسبانية (1936 – 1939)، وقيام الحرب العالمية الثانية. ومن هذه اللحظة، بات التباين بين النوعين الرئيسيين فى التقاليد الأناركية واضحا للعيان: الشيوعية الأناركية، التى يمكن أن نعتبر، على سبيل المثال، أن "بيتر كروبتكين" يمثلها – وعلى الجانب الآخر، تقاليد النقابية الأناركية التى ترى ببساطة فى الأفكار الأناركية النمط السليم والصالح لتنظيم المجتمعات الصناعية المتقدمة، عالية التعقيد. يندمج تيار النقابية الأناركية هذا، ويتشابك بواسطة علاقات عدة بتلاوين من الجناح اليسارى فى الماركسية، وهو النوع الذى يجده المرء، مثلا، فى شيوعيى المجالس، الذين يستمدون افكارهم من تراث روزا لكسمبرج، والذين مثلهم لاحقا، بخطاب قوي مؤثر جدا، منظرون ماركسيون مثل انطون بانيكوك .
بعد الحرب العالمية الثانية، شهدت الأناركية هبوطا عاما كبيرا، فقد شهدت بلدان غرب اوروبا قيام دول الرفاه الاجتماعي مع اكتمال مشروع مارشال، واطبق الستار الحديدي على شرقها، وفي الجنوب العالمي غلب نفوذ الاتجاهات الموالية للسوفيت على اشكال الكفاح المناهض للامبريالية.
يقول جروباتشيك، "نضالات الستينات والسبعينات لم تشهد بروزا جديا للأناركية، التى كانت لا تزال محملة بأثقال تاريخها، ولم تستطع التكيف مع اللغة السياسية الجديدة التى لا تبنى مفردات قاموسها على صراع الطبقات. ولهذا فأنت تجد نزعات أناركية فى مجموعات شديدة التنوع بدءا من الجماعات المناهضة للحرب (قضية فيتنام)، والحركة النسوية، والسود الخ، ولكنك لا تجد جماعة منهم فى حد ذاتها تصف نفسها ايجابيا بأنها أناركية" .
فمن الواضح أن الجماعات الأناركية فى هذا الوقت كان حالها لا أكثر ولا اقل من تكرار معاد للموجتين السابقتين (الاناركيين النقابيين الثوريون والاناركيين الشيوعيين)، وكانوا جماعات شديدة الانعزالية - فبدلا من الانخراط مع الأشكال الجديدة من التعبير السياسى للستينات، انغلقوا على أنفسهم، وعادة ما اقروا مواثيق غاية فى الجمود على شاكلة الأناركيين الذين يسمون انفسهم بـ "البرنامجيين ذوى التقاليد الماخنوية” (Platformists). لذا، هذا هو الجيل الرابع "الشبح".
بالوصول إلى الزمن الحاضر، نجد جيلين يتعايشا داخل الأناركية: الاول هم اهل الستينات والسبعينات الذين شكلتهم سياسيا هذه السنوات (والذين كانوا فعلا إعادة تجسيد للموجة الثانية والثالثة)، والجيل الثاني هم الشباب الأكثر معرفة بقضايا السكان الأصليين والأقليات، ومناصرى قضايا المرأة، ودعاة البيئة، وأصحاب التفكير النقدى للثقافات البشرية. الجيل الاول تجده في إتحادات فدرالية أناركية، مثل الـ IWW (عمال العالم الصناعيون)، والـ IWA (جمعية العمال الاممية)، والـ NEFAC (الفدرالية الشمالية الشرقية للشيوعيين الاناركيين)، وأشباههم. أما الجيل الثاني تجده أكثر بروزا فى شبكات عمل الحركة الاجتماعية الجديدة. ويرى جروباتشيك ان منظمة التحرك الكوكبي للشعوب - Peoples Global Action، تحتل مرتبة "الكيان الرئيسى فى تيار الجيل الخامس من الأناركية” .
 


المصدر :الأناركية بالعربى
.... تابع قراءة التدوينة

الإستراتيجيات العشر لخداع الجماهير ـ نعوم تشومسكى


1- إستراتيجية الإلهاء
عنصر أساسي للضبط الاجتماعي، تتمثل إستراتيجية التسلية في تحويل أنظار الرأي العام عن المشاكل الهامة والتحويلات المقررة من طرف النخب السياسية والاقتصادية، وذلك بواسطة طوفان مستمر من الترفيهات والأخبار اللامجدية. إستراتيجية الإلهاء هي أيضا لازمة لمنع الجمهور من الاهتمام بالمعارف الأساسية، في ميادين العلوم، الاقتصاد، علم النفس، وعلم التحكمية... "الإبقاء على انتباه الجمهور مسلى، بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، مأسورا بمواضيع دون فائدة حقيقية. الحفاظ على جمهور منشغل، منشغل، منشغل، دون أدنى وقت للتفكير؛ ليرجع إلى ضيعة مع باقي الحيوانات" كما جاء في كلام تشومسكي نقلا عن نص استخباراتي "أسلحة كاتمة من أجل حروب هادئة"

2- خلق المشاكل، ثم تقديم الحلول
هذه الطريقة تدعى أيضا "مشكلة-ردة فعل-حلول" نخلق أولا مشكلا، حالة يتوقع أن تحدث ردة فعل معينة من طرف الجمهور، بحيث يقوم هذا الأخير بطلب إجراءات تتوقع قبولها الهيئة الحاكمة.مثلا، غض الطرف عن نمو العنف الحضري، أو تنظيم هجمات دموية، حتى يطالب الرأي العام بقوانين أمنية على حساب الحريات. أو أيضا: خلق أزمة اقتصادية لتمرير -كشر لا بد منه- تراجع الحقوق الاجتماعية وتفكيك المرافق العمومية.

3- إستراتيجية التقهقر
من أجل تقبل إجراء غير مقبول، يكفي تطبيقه تدريجيا، - بالتقسيط -، على مدى عشر سنوات. فبهذه الطريقة تم فرض ظروف سوسيو-اقتصادية حديثة كليا -الليبرالية الجديدة- في فترات سنوات الثمانينيات. بطالة مكثفة، هشاشة اجتماعية، مرونة، تحويل مقرات المعامل، أجور هزيلة، كثير من التغييرات كانت لتحدث الثورة لو تم تطبيقها بقوة.

4- إستراتيجية المؤجل
طريقة أخرى لإقرار قرار غير شعبي، هي في تقديمها ك " شر لا بد منه "، عبر الحصول على موافقة الرأي العام في الوقت الحاضر من أجل التطبيق في المستقبل. من السهل دائما قبول تضحية مستقبلية بدل تضحية عاجلة. أولا، لأن المجهود لا يتم بذله في الحال. ثم يميل الجمهور إلى الأمل في " مستقبل أفضل غدا " وإن التضحية المطلوبة قد يتم تجنبها. وأخيرا، هذا من شانه أن يترك الوقت للجمهور للتعود على فكرة التغيير وقبولها باستكانة عندما يحين الوقت.

5- مخاطبة الرأي العام كأطفال صغار
تستخدم أغلب الإشهارات كلما توجهت إلى الكبار خطابا، لماذا؟ ات، شخصيات ولهجة صبيانية جدا، غالبا ما تكون اقرب إلى التخلف العقلي، كما لو كان المشاهد طفلا صغيرا أو معاقا ذهنيا. كلما حاولنا خداع المشاهد، كلما تبنينا لهجة صبياني، لماذا؟؟ إذا توجهنا إلى طفل في الثانية عشرة من عمره، فبسبب الإيحائية إذن، سيكون من المحتمل جوابه أو ردة فعله خالية من الحس النقدي "كما لطفل في الثانية عشرة من عمره".

6- اللجوء إلى العاطفة بدل التفكير
اللجوء إلى العاطفة هي تقنية كلاسيكية لسد التحليل العقلاني، وبالتالي الحس النقدي للأفراد. كما أن استخدام المخزون العاطفي يسمح بفتح باب الولوج إلى اللاوعي، وذلك من أجل غرس أفكار، رغبات، مخاوف، ميولات، أو سلوكيات...
الإبقاء على الجمهور/العامة في الجهل والخطيئة
العمل على أن لا يفهم الجمهور التقنيات والطرائق المستخدمة من أجل ضبطه وعبوديته. " يجب أن تكون جودة التربية المقدمة إلى الطبقات الاجتماعية الدنيا هي الأضعف، بحيث تكون وتبقى هوة الجهل التي تعزل الطبقات الاجتماعية الدنيا عن الطبقات العليا غير مفهومة للطبقات الدنيا " عن أسلحة كاتمة من أجل حروب هادئة"

8- تشجيع الجمهور على استساغة البلادة:
تشجيع الجمهور على تقبل أن يكون أخرقا، أبلها، فظا، جاهلا.

9- تعويض الانتفاضة بالشعور بالذنب
جعل الفرد يشعر أنه هو المسئول الوحيد عن شقائه، بسبب نقص ذكائه، قدراته أو مجهوداته. وهكذا، بدل الانتفاض ضد النظام الاقتصادي، يشعر الفرد بالذنب، ويحط من تقديره الذاتي، مما يسبب حالة اكتئابية من آثارها تثبيط الفعل. ودون فعل، لا ثورة كذلك...!

10- معرفة الأفراد أكثر مما يعرفون أنفسهم
خلال الخمسين سنة الأخيرة، حفر التقدم المذهل للعلوم هوة متنامية بين معارف العوام وتلك التي تمتلكها النخب الحاكمة. بفضل البيولوجيا، البيولوجيا العصبية وعلم النفس التطبيقي، توصلت الأنظمة إلى معرفة متقدمة بالكائن البشري، نفسيا وبدنيا.. توصل النظام إلى معرفة الفرد المتوسط أكثر مما يعرف هو ذاته. هذا يعني أنه في معظم الحالات، للنظام سيطرة وسلطة على الأفراد أكثر مما لهم أنفسهم...
.... تابع قراءة التدوينة

اوهام


انا المشتاق
لحلم بعيد .. بقاله سنين
عايش فيا
مابيفارق خطاويا
ولا دارى لفين رايح
ولا دى الرحلة بإيديا
نعود ونلون الأيام
ونرسمها لطريق قدام
الآقى خطوتى الجايه
ماهيش ليا 
واشوف الحلم بعنيا
كما الاوهام ..
انا المشتاق
.... تابع قراءة التدوينة

لست أدرى


تمنيت ألا تترُكينى وحيداً تفتك بىِ ذِكرانا الوردية ، فقط هى من كانت
تُدعمُنى بالأحلام .. بل كان عصب الحياة ينبُض حين رؤياها ،
يالها من لوحة فنية رائعة ..
كُلما نظرت لها أكتشف أشياء قد أُسدِل عنها السِتار فى مسرح الآيام
إنه الغموض ، ولكننى قد تفهمته يوماً بعد يوم
حتى سيطرت موسيقاها على أنشودة هذا الزمان
فصرت أنا وهى فقط ؛ لنا عالمنا الخاص ..
ولكِنها الآن ليست معى !  ولم أعلم الى هذه اللحظة
من آراد منا الرحيل !؟ فهى الآمال ، وانا من رسمت لوحتى
وزينتها يوما ما وفقاً لما أُريد ..
ولكن .. دون جدوى !
أين أنا .. و أين هى .
لست أدرى ..
.... تابع قراءة التدوينة

مدخل الى الأناركية ـ ليز هايليمان



ما هي الأناركية؟

إن الأناركية فلسفة سياسية مكتنفة في سوء الفهم. إلى حد كبير، يرجع هذا إلى حقيقة أن الفوضوية هي طريقة مختلفة في التفكير، حيث لا يمكن وصفها بشعارات بسيطة أو خطوط حزبية. في الواقع، إذا سألت عشرة أناركيين عن الأناركية، من المحتمل أن تحصل على عشرة إجابات مختلفة. الأناركية هي أكثر من مجرد فلسفة سياسية، بل هي طريقة حياة تشمل جوانب سياسية وعملية وشخصية.
إن العقيدة الأساسية للأناركية هي أن السلطة الهرمية - سواء كانت دولة، كنسية، بطريركية أم نخبة اقتصادية - ليست بضرورية فحسب، بل هي ضارة في حد ذاتها لتحقيق الحد الأقصى من الإمكانات البشرية. يعتقد الأناركيون عموما أن البشر قادرون على إدارة شؤونهم بأنفسهم على أساس الإبداع، التعاون، والاحترام المتبادل. هي اعتقاد بأن القوة بطبيعتها مفسدة، والسلطات حتما معنية باستمرارها الذاتي وزيادة طاقتها الخاصة، أكثر من القيام بما هو أفضل لناخبيها. عموما إن الأناركيين هم محافظين حيث أن الأخلاق مسألة شخصية، وينبغي أن تستند على رعاية الآخرين ورفاهية المجتمع، وليس بناء على قوانين تفرضها السلطة القانونية أو الدينية (بما في ذلك القوانين المبجلة مثل دستور الولايات المتحدة). معظم الفلسفات الأناركية تعتقد أن الأفراد مسؤولون عن تصرفاتهم الخاصة. السلطات الأبوية تعزز العقلية المذلة حيث يتوقع من النخب اتخاذ القرارات وتلبية احتياجات الناس، بدلا من التفكير والعمل لأنفسهم. عندما تعطي سلطة لنفسها الحق في نقض أبسط القرارات الأخلاقية الشخصية، مثل من أجل ماذا يستحق القتل أو الموت (كما في التجنيد العسكري أو الإجهاض)، تتقلص حرية الإنسان بشكل لا يقاس.
يدرك الأناركيون بأن الاتصال بين مختلف أشكال القمع - بما في ذلك التمييز على أساس التحيز الجنسي، العنصري، الجنسي المغاير، الطبقي، والشوفيني الوطني- والاعتراف بعدم جدوى المعارضة، تركز على نموذج واحد للظلم في حين أن هناك أشكال أخرى لا تزال موجودة. يعتقد الأناركيون أن الوسائل التي تستخدم لتحويل العالم يجب أن تكون متلائمة مع الغايات التي يأمل المرء في تحقيقها. يعترض الأناركيون حول الاستراتيجيات والتكتيكات -بما في ذلك الحاجة إلى منظمات رسمية- واستخدام الإجراءات العنيفة للإطاحة بالمؤسسات العنيفة القائمة، بينما يتفق الأغلبية على أن التركيز يجب أن لا يكون مجرد تدمير النظام الحالي، ولكن على تشكيل بدائل جديدة أكثر إنسانية وأكثر عقلانية لتأخذ مكانها.
الأناركيون في التاريخ
لعب الأناركيون دوراً في الحركات الثورية على مر التاريخ. بدأت الثورة الفرنسية في عام 1789 ذات عنصر بروتوفوضوي قوي. في بداية القرنين التاسع عشر والعشرين لعب أناركييون مثل بيير جوزيف برودون، بيتر كروبوتكين، ميخائيل باكونين، وأريكو مالاتيستا دوراً أساسياً في تطوير النظرية الأناركية الثورية. ولعبوا دوراً كبيراً في الحركات الثورية في روسيا في عام 1905 و 1917، ولكنها -الحركة الأناركية- في كثير من الأحيان قمعت بلا رحمة بمجرد أن البلاشفة وحدت سلطتها. كما مهدت الثورة الاسبانية 1936-1939 الطريق للتعبير على أوسع نطاق والأكثر شهرة للممارسات الفوضوية، والتي عملياً أنشأت بنجاح المنظمات الأناركية النقابية (FAI وCNT)، بدائل غير هرمية اجتماعياً واقتصادياً. في الولايات المتحدة، وكذلك في المكسيك وأميركا اللاتينية، كان هناك تأثير للأناركية السينديكالية داخل الحركة النقابية (على سبيل المثال العمال الصناعيين في العالم). في بدايات 0019 شارك أناركييون بارزون مثل غولدمان إيما والكسندر بيركمان في مجموعة متنوعة من القضايا الراديكالية. كان هناك تيار أناركي قوي في العديد من التغييرات الاجتماعية وحركات تبديل نمط الحياة قي العام 1960 (بما في ذلك أجزاء من الحركة النسوية، حركة تحرير مثلي الجنس، الحركات المناهضة للحرب وحركات الخطاب الحر)، رغم أنه في كثير من الحالات كان يتم تعتيم هذه الحركات، إن لم يكن قمعها بصراحة، عن طريق التيارات الماركسية - اللينينية - الماوية.
ما هو غير الأناركية
في محاولة لتوضيح ما هي الأناركية، فمن المفيد دراسة ما ليس أناركياً :
الشيوعية: في حين أن العديد من الأناركيين يقدّرون الطائفية والجماعية، يرفض الأناركيون حالة الشمولية الشيوعية القائمة والساقطة في الآونة الأخيرة، أو بدقة أكثر الماركسية اللينينية. تطور الخلاف بين الماركسيين والأناركيين في وقت مبكر من 1870 عندما نظر الأناركيون أن الماركسيين يستمرون باستبدادهم تحت اسم مختلف. وقد أكدت المجموعات الماركسية اللينينية على الحاجة إلى حزب الطليعة، وديكتاتورية البروليتاريا، هذه الأفكار التي تعارض بشكل أساسي الأفكار الفوضوية المناهضة للاستبداد والمنادية بالحرية الفردية القصوى. على الرغم من أن الماركسية الارثوذكسية تتنبأ بأن الدولة سوف "تتلاشى" مع مرور الوقت، فقد شهدنا مرارا وتكرارا في الأنظمة الشيوعية توحيد سلطة الدولة وقمعها بالترافق مع الإصرار على الطاعة.
التحررية : كثيرا ما يجري الخلط بين الليبراليين الأناركيين، والقيام بالتشابك في كثير من النواحي. يتقاسم الفريقان على التركيز على الحرية الفردية والرغبة في التخلص من الدولة. يولي الكثير من الليبراليين الأهتمام للفرد والتأكيد على مبدأ المصلحة الذاتية المستنيرة. في حين يميل كثير من الأناركيين إلى التركيز أكثر على المساعدة المتبادلة والجهود المبذولة لتحسين ظروف جميع أفراد المجتمع. غالبا ما تتسم الليبرالية بوجهة نظرها الاقتصادية، الأمر الذي يضع الحد الأقصى المسموح به دون عائق على رأسمالية السوق الحرة (بعض أنصار يطلقون على أنفسهم "أناركيين رأسماليين")، استباحة استخدام القوة في الدفاع عن الملكية الخاصة، تعارض أي تدخل حكومي يعيق الجهود لتعظيم المكاسب الاقتصادية الشخصية، وتخفيض القيم التي لا يمكن قياسها (عادة نقدية) اقتصادياُ. في حين أن الليبراليين مناهضين للدولة ، فإنهم غالبا لا يعارضون الهيمنة والتسلسل الهرمي في جميع أشكاله (غالبا ما يكون هناك ميل إلى "البقاء الأصلح" أو "[الاقتصاد] القوة تصنع الحق" في الفلسفة الليبرالية)، وعدم البحث جذرياً في تغيير علاقات القوة الاجتماعية، ولا سيما تلك القائمة على القوة الاقتصادية. يميل الأناركيون أكثر إلى المنظور الاشتراكي، ويفضلون التخلص من أي نظام حيث يستطيع الأثرياء تحقيق المنفعة غير المتناسقة مع من هم أقل حظا الذين يعانون من مشقة لا مبرر لها. بينما يقدر الأناركيون المبادرة الفردية، الذكاء، والإبداع، فمن المسلم به أن الذين يمتلكون هذه المواهب يعاملوا باحترام وعدالة. الموضوعية هي نوع من التطرف الليبرالي. الحزب الليبرالي معتدل نسبياً، ويميل إلى التركيز على قضايا مثل إصلاح النظام الانتخابي وإلغاء قوانين المخدرات، والحد من التنظيمات الحكومية. العديد من الليبراليين هم "ملاكيين" الذين يعتقدون أن بعض أشكال الحكومة أمر ضروري إلا أنها ينبغي أن تكون ضعيفة وغير مزعجة. مسألة ما هو نوع النظام الاقتصادي في المجتمع الأناركي هو أمر مفتوح. يعتقد بعض الأناركيون أنه يجب إلغاء جميع أشكال الرأسمالية واقتصاد السوق، والبعض الآخر يفضل النظام الذي يعزز ملكية العمال والديمقراطية القائمة على المشاركة الكاملة في إطار اقتصاد السوق، والبعض الآخر لا يزال يعتقد أن مجموعة متنوعة من النظم الاقتصادية يمكن أن تتعايش طالما انهم لا يحاولون فرض نظمها وقيمها على بعضها البعض.
الليبرالية: إن المفاهيم السياسية السائدة في هذا البلد تعادل ما بين اليسارية والأناركية وما بين اليسارية والليبرالية، ولكن هناك اختلافات حقيقية، من حيث الكم والنوع. إن فكرة "اليسار" هو مشكلة منذ 1990، حيث أن الكثير من السياسات الحديثة تميل إلى أن التموضع خارج اليسار التقليدي (ليبرالي) / اليمين (المحافظ). رغم أن معظم الأناركيين يدعمون القضايا "التقدمية" ولكن الأناركية لا تأخذ مكانها في التيار السياسي التقليدي. وقد اقترح بعض المنظرين منظومة على درجة من التسلط الاقتصادي والتسلط الاستبداد الاجتماعي باعتبارهما محورين منفصلين، كثير من الأحيان أولئك الذين يفضلون الحرية الاقتصادية يعارضون الحرية الاجتماعية، والعكس بالعكس. الكثير من السياسات التقدمية الحديثة تستند على "سياسة الهوية"، والفكرة التي تجذب اهتمامات المرء الأولية وتحالفاته هي على أساس الجنس / العرق / التوجه الجنسي. على الرغم من أن العديد من الأناركيين يستثمرون سياسة الهوية ، تتطلع الفلسفة الأناركية الأكثر شمولا الى الوقت الذي كان لا يحتاج فيها الناس إلى التركيز كثيرا على مثل هذه التصنيفات. في حين يميل الليبراليون إلى الدعوة للجهود الرامية إلى إصلاح النظام الحالي (من خلال وسائل مثل التصويت، الضغط، وبروز المنظمة)، للأناركيين وجهة نظر أكثر تطرفا، ويتمنون أن تستبدل المؤسسات الفاسدة تماما، وإعادة تشكيل مجتمع أكثر إنسانية من خلال وسائل العمل المباشر، من دون الاعتماد على أي شكل من أشكال تدخل الدولة. كما يعترف الأناركيون بقوة التطور عموما ، كذلك التبدل الثوري، كذلك يعترف بأنه من أجل تحقيق إعادة ترتيب حقيقي للمجتمع من الضروري القضاء على هيمنة العلاقات الهرمية أينما وجدت، تاريخيا لم يكن هذا أولوية الليبراليين. يسلم الأناركيون بأن شكل السلطة نفسها (سواء كانت رأسمالية، شيوعية، ديمقراطية أو توتاليتارية) هي منبع المشكلة، وعلى هذا النحو ، لا يمكن أن تكون أساسا للحل. بالرغم من أن بعض الأناركيين يرتبطون بالتصويت وينظمون الاحتجاج معتقدين بأن حتى التحسينات الصغيرة هي ترجمة جديرة بالاهتمام ، ويدركون أن مثل هذه الأنشطة هي مجرد خطوات مؤقتة، يجب على المرء أن يتخطاها لتحقيق تغيير حقيقي ودائم.
العدمية : وخلافا لعقيدة "معاداة كل شيء" في العدمية، الأناركيون لا يشجعون على العنف العشوائي، التدمير، و "كل رجل لنفسه" الخروج على القانون (على الرغم من أن هناك دائما عدد قليل من متبعي هذه الفلسفة يسمون أنفسهم "فوضويون"). والاعتقاد السائد بأن الأناركية تعادل الفوضى هو للأسف اعتقاد خاطئ نشأ من الاعتقاد وعلى نطاق واسع، غرس من قبل من هم في السلطة، أن هذه السلطة أمر ضروري للحفاظ على النظام. يعتقد الأناركيون أن تحقيق مجتمع كفوء، منظم، وعادل يكون على أسس غير مبنية على الهرمية، اللامركزية، والمشاركة.
بعض المسائل الخلافية
تحمل الأناركية وجهات نظر متباينة حول العديد من القضايا. واحدة من الخلافات الرئيسية هي مسألة الفرد مقابل المجتمع. تهتم الأناركية الفردية أهمية قصوى على حرية الفرد، في حين يركز الأناركيون الشيوعييون (والأناركيون السنديكالييون) على مصلحة الفئة الاجتماعية ككل، يكون المنفعيون في مكان ما بينهما. في المجتمع الأناركي المثالي، يتأمل تلبية احتياجات المجتمع ككل بطريقة عادلة دون المساس اللا مبرر بحرية الإرادة وتقرير المصير من قبل الأفراد.
مناقشة أخرى داخل الحركة الأناركية تتعلق بقضايا البيئة والتكنولوجيا
تشير الأناركية الكلاسيكية إلى تشابهاً مع مفاهيم الماركسية التقليدية لقيمة العلم والعقلانية، والمبدأ القائل أن التقدم التكنولوجي يفيد المجتمع عموما. يعتقد الكثير من الأناركيين الحديثين أن التكنولوجيا في حد ذاتها لا جيدة ولا شريرة، ولكن يجب أالتدقيق بها وتطبيقها بطريقة مسؤولة اجتماعيا من أجل تقديم خدمة أفضل لأولئك الذين يستخدمونها، وتتأثر بها. آخرون أناركييون معاصرون لديها تكنولوجيا مضادة، منظور وسطي بيئي (الأكثر تطرفا للبدائية و اللاضية الجدد)، ويعتقدون أن المجتمع الأناركي يمكن تحقيقه من خلال التخلي عن التقدم التكنولوجي والعودة أكثر إلى البدائية، متموضعاً ومتناغم بيئياً لطريقة الحياة.
إن مسألة القومية مهمة أيضاً. بصفة عامة، يدعو الأناركيون إلى فكرة الأممية (أو بالأحرى، اللاوطنية) وتصوير مظاهر القومية والوطنية كمحاولة تقوم بها الدولة لزيادة قوتها من خلال تشجيع الانقسامات المصطنعة بين الناس. الدولة القومية هي بنية تخدم مصالح النخب المختلفة، في حين أن طبقات السكان الأدنى لا تزال في ظروف يرثى لها كما هو الحال في جميع أنحاء العالم. على الرغم من هذا، فإن بعض الأناركيين يحافظون على دعم النضالات التحررية الوطنية (مثلا الجهود التي يبذلها الفلسطينيون في منطقة الشرق الأوسط، القوميون السود في الولايات المتحدة، والشعوب الأصلية المظلومة في كل مكان) معتقدين بأن الدول الصغيرة المستقلة، وإن كانت استبدادية، هي أفضل من الإمبراطوريات الاستغلالية.
التيارات داخل الحركة الأناركية الحديثة
إن "الحركة الأناركية" في يومنا هذا ينظر إليها بشكل أكثر دقة باعتبارها مجموعة من الحركات المختلفة ذات العديد من المظاهر السياسية والفلسفية المشتركة. بناء عليه، وأحيانا بشكل متباين للمبادئ الأناركية الكلاسيكية، نرى عدة مجموعات تقوم بتوسيع نطاق الأناركية المعاصرة، وبإعادة تعريف المفاهيم التقليدية للأناركية.
إن الأناركية النسوية تخلط المثل العليا للانسوية والأناركية. تركز الأناركية النسوية على تحرير المرأة ودور البطريركية أكثر من الأناركية الكلاسيكية، ولكن ليس لدرجة استبعاد غيرها من أشكال القمع (كما فعلت بعض أنواع الحركات النسوية الأخرى). لا تعتبر كل النساء الأناركيات أنفسهم أناركية نسوية، حيث لا يجب على الأناركية النسوية أن تكون انثى بالتحديد- إلى حدٍ كبير هناك تمييز بين كيف أن "محور المرأة " يبنى على القيم من جهة والتشديد على جوانب الهيمنة من جهة أخرى. كما هو الحال مع العديد من الحركات السياسية في يومنا هذا، حيث أن مسألة الانفصال بين الجنسين لا تزال دون حل. من جهة، إن الاستمرار ضمن الحركة الأناركية في ظل الانقسامات المصطنعة بين الجنسين والتي فرضت من قبل النظام الاجتماعي الهرمي والذكوري تكون معادية لخلق مساواة حقيقية، وإلى كسر الحواجز التي يأمل الأناركيون في تحقيقه. من جهة أخرى، تشعر العديد من النساء بضرورة الحفاظ على مساحة للمرأة داخل الحركة التي كان عادة ما يسيطر عليها الذكور، وتعتقد أنه يجب الإعتراف بشرعية قضايا المرأة وإدماجها في الفلسفة الأناركية قبل التمكن من تحقيق الوحدة الوطنية. عموما ترفض الأناركية النسوية حلول الدولتية لمشاكل المرأة (مثل الرقابة على المواد الإباحية في محاولة للحد من العنف ضد المرأة) لصالح التمكين الذاتي والعمل المباشر. يمكن وصف تنظيم الأناركية النسوية بالتركيز على اللامركزية، العمل واتخاذ القرارات على مستوى القاعدة الشعبية. عموما تعتقد الأناركية النسوية أن أفضل طريقة لتحقيق إمكانات الإنسان تكون عن طريق تجاوز الأدوار التقليدية للجنسين، وتشجيع تطوير "ذكورية" مفيدة وصفات "أنثوية" في جميع الناس، والمساواة في كل العلاقات.
يركز العديد من الأناركيين الحديثين على تطبيق المثل العليا لحرية الإرادة وتقرير المصير على حياتهم الشخصية. ضمن هذا التوجه هناك تشديد على قبول خيارات عدة في مجال الجنس، والأسرة، والعلاقات بين الأشخاص. ينبغي أن تقوم العلاقات على الاختيار الحر، وموافقة جميع الأفراد المعنيين، وليس بتكليف من القيود الحكومية أو الدينية أو الاجتماعية. هناك العديد من االشاذين الأناركيين- لواط، سحاق، مخنثين، ولا سيما المخنثين- تعزيز الأناركية لانهيار خطط التصنيف التقليدية تبدو ذات أهمية خاصة لأولئك الذين مع المنظمات غير التقليدية و / أو المهمشة للهويات الجنسية والجنس. كما هو الحال مع الحركات النسائية تحتضن بعض الجماعات الشاذة (لواط/ سحاق) للمبادئ المعادية للاستبدادية والعمل المباشر (على سبيل المثال، نشطاء الايدز الذين ينظمون برامج تبادل الإبر والنوادي التي تشتري ادارة الأغذية والأدوية الأميركية). مع الاعتراف بأن الوصايا التقليدية مثل الزواج، الأسرة الأبوية، والاستنساخ القسري هي لخدمة مصالح من هم في مواقع الحكم والسلطة، يؤكد الأناركيون على استكشاف الإبداع، وبدائل العلاقة الطوعية مثل زواج غير الأحادي، الأسر الممتدة، وطائفية تربية الأطفال، بالإضافة إلى الخيارات التقليدية الأكثر شيوعا. يريد الأناركيون عموما الحصول على حكومة خارجة عن أعمال تصديق العلاقات الشخصية، بدلا من التوسع في تصديق علاقات اثلي الجنس. عادة يعارض الأناركيون الشاذون الجهود الرامية إلى زيادة وجود مثلي الجنس في المؤسسات القمعية مثل الجيش.
على نقيض التزام الأناركية الكلاسيكية للإلحاد (إلى حد كبير استجابة لتأثير سلبي للمؤسسات الدينية التقليدية السلطوية)، يؤكد العديد من الأناركيين الحديثين على القيم الروحية (في كلا الوثنية الجدد المتنوعة واللاهوتي المتحرر داخل الديانات التقليدية). وهذا يعكس الاعتقاد بأن تحقيق الحد الأقصى من الإمكانات البشرية يتطلب اعترافا في الجانب الروحي والجاتب المتسامي لشخصية الإنسان وثقافته فضلا عن عقلانيته. في مجال الأخلاق، يعتمد الأناركيون على الشخصية المسؤولة والمهتمة بالآخرين بدلا من التركيز على التصريحات للسلطات القانونية أو الأخلاقية. عموما يؤكد الأناركيون الروحانيون على الترابط بين جميع أشكال الحياة، وعادة تتزامن معتقداتهم مع اولئك الموجهين ايكولوجياً، الأناركيون المهتمون بالطبيعة. حتى الآن لا يزال هناك عنصر الحادي جوهري بين الأناركيون الذين يعتقدون أن فكرة "القدسية" والاعتماد على "النظام العالي" لتعزيز المفاهيم الهرمية التقليدية معادية لتحقيق الحرية الإنسانية الكاملة.
إن المثل الأناركية غالبا ما تتبنى من قبل شباب بغاء، أصحاب الفن البديل، الهذيان "الطفيليين" وثقافات طلبة راديكاليين. يحاول هؤلاء الشباب الهروب من الظلم والإغتراب في المجتمع الاستهلاكي السائد من خلال تشكيل جماعات مقاومة على أساس أن العمل المباشر وسيلة لتحقيق الاعتماد على الذات مثل العيش الجماعي، الخضوع، محلات معلوماتية وخلق بدائل اقتصادية مثل تعاونيات مستقلة غذائية، إنتاج وتوزيع الموسيقى غير التجارية. في حين أن هؤلاء الشباب يقبلون العديد من المعتقدات الكلاسيكية الأناركية (وإن لم يكن عادة تحت هذه التسمية)، فإنهم عادة ما يكونوا أكثر اهتماما بتطبيق مبادئ مكافحة الاستبداد وتقرير المصير بطريقة عملية لممارسة المقاومة وحياتهم اليومية. مع ذلك، يتجنب بعض الأناركيون المعاصرون "الحياة النمطية"، وبدلا من ذلك يركزوا على بناء مزيد من المجموعات رسمية وشبكات التي يمكن أن تنظم تغيير اجتماعي أوسع.
يرتبط الأناركيون بنسق واسع من وسائل النشر، إن كانت صحف غير رسمية أو قانونية وناشري الكتب ذو تاريخ طويل. يستخدم الأناركيون الإنترنت وغيرها من وسائل الاتصالات الالكترونية على نحو متزايد. كثيراً ما وصف الإنترنت بأنه مثالاً للفوضى، وبالفعل نمى وازدهر مع غياب سلطة الحكومة المركزية. توفر الاتصالات الالكترونية وسيلة لتجاوز الحدود الوطنية، ويمكن التقليل من أهمية الحواجز الثقافية كما العرق والجنس أيضاً. مع ذلك، هناك خطر واضح على أن زيادة الاعتماد على الاتصالات الإلكترونية من شأنه أن يعزز الحواجز الاقتصادية، وخلق مجتمع من "يملكون" المعلومات ومن "لا يملكون". استخدم الأناركيون الاتصالات الالكترونية لوضع الخطط، نشر الأخبار الهامة، تبادل المعلومات، هناك لوائح بريدية ومجموعات من أعضاء مكرسين لمكافحة اللاسلطويين والأناركيون، فضلا عن مشاريع طموحة مثل أرشيف الصحافة الالكترونية الشجاعة. بوضوح تخاف الحكومات من حرية الانترنت، وتزيد جهودها لوقف التدفق الحر للمعلومات (تحت ستار مكافحة الفحش ومكافحة الارهاب). كما أن هناك أناركييون آخرون يعارضون الاتصالات الإلكترونية، سواء لأنهم يرفضون "الوساطة" أي "التفاعل الذي ليس وجها لوجه"، وبسبب الآثار البيئية الضارة للتكنولوجيا.
استنتاج
باختصار، الأناركية هي فلسفة معرفة متنوعة على نطاق واسع تم اعتمادها بشكل أو بآخر من قبل مجموعة واسعة من الأفراد والجماعات، كثير منهم لا يصرحوا بتسمية أنفسهم بـ "أناركيين". تتعلق الأناركية بجميع أوجه الوجود. في التأكيد على الحرية، تقرير المصير، المسؤولية الشخصية، العمل المباشر، خلق البدائل، والتعاون الطوعى، لدى الأناركية الرؤية والمرونة لتوفير وسيلة ناجعة لتغيير حياة المرء، في حين أنها تعمل من أجل تغيير اجتماعي جذري ودائم الذي سيغير العالم.
ليز هايليمان (1988)
تعريب: جوزيف أيوب
.... تابع قراءة التدوينة

!لماذا خلق الله الدنيا





من الميلاد الى الموت والإنسان فى صراع مادته وترابه يشدانه إلى تحت ، وروحة تشدّه الى فوق . صِراع بين  عدم .. ووجود 
والعدم ليس مجرد خواء.. أو لا شئ، وانما العدم قوة سالبة بمثل ما أن الوجود قوة موجبة .
المرض والشيب والشيخوخة والذبول والهزال قوى عديمة سالبة ، غلبت على الجسم . فجعلته مريضاُ ذابلا هزيلا ..
فإذا غلبت هذه القوى العدمية على النفس ، جعلت المزاج النفسى مُتشائماً يائساً قلقا سوداوياً كئيباً .. فإذا غلبت على القلب نزلت به الى درك الحقد والأنانية والكبر والغرور والنفاق والشهوة .
فإذا غلبت على العقل أظلمته بغواشى الجهالة والغباء والبلادة .
فإذا أغشيت البصيرة ألقت بها فى مهاوى الكفر والشرك والظلم . وللعدم جيوش وفرسان .. وله جنود مجنده . .  السوس الذى ينخر .. والبكتيريا التى تحلل وتهدم .. الفيروسات التى تنشر الفوضى والتلف .. مروجوا المخدرات ، ناشرو الفتن ، وتجار الشهوات ..
التتار ، الهكسوس ، والوندال ، الذين هدموا الحضارات .
كل هؤلاء جنود العدم وفرسانه !
ومن وراء الغيب .. إبليس وذريته ، أكبر قوة سالبه عدمية .. شعاره ورايته التى يلوح بها .. أنا .. أنا .. أنا خير منه ..
وهو يجرى فينا مجرى الدم، بمقدار ما يقول الواحد فينا .. أنا .. أنا .. أنا خير منه 
ولكن الله لم يتركنا نهباً للقوى العدمية السالبة وإنما أعطانا أعلى شحنة موجبة حينما نفخ فينا من روحه .
والله هو الفاعل الإيجابى الخالص نفخته روح ، وكلمته روح ، وحينما تلابس روحة المادة ، تخلع عليها الصور والنظام والحياة والحركه والشباب والصحة والعقل والوعى والفهم ، والسجايا والفضائل .
والحياة بالروح ، هى الحياة الحقّة بلا مرض وبلا موت ، وبلا شيخوخة .
وغلبة الروح على النفس ، تنزع بها الكمال والنقاء والطهر .
وغلبة الروح على العقل تنزع به إلى الإدراك ، والعلم والمعرفة
وغلبة الروح على الجسد تداوى أسقامه .. وتشفى أمراضه .
ولعالم الروح جنوده المجنده من الملائكة مثلما لعالم الظلمة شياطينه . وقد أطلق الله القوى السالبة العدمية ، تنازع القوى الموجبة الوجودية بمشيئته وخطته .. وانفرد بالهيمنه لا ينازعه أحد فى ملكه .
وخلق النفس الإنسانية قابلة للانفعال بالقوتين السالبة .. والموجبة قابلة للانحدار الإبليسى أو التحليق الملائكى .. وجعلها مجال صِراع وحلبة قتال 
  (  لقد خلقنا الإنسان فى كبد  )
أى فى مكابدة.
ومن خلال هذا القتال ينكشف محتوى النفس ويتجلى سرها وتتقرر منزلتها ويظهر مرادها .. ويتأكد إنتماؤها .
وهذه هى الدنيا وحكمتها .
  ( الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا  )
الدنيا هى المناسبة .. هى المناسبة للتعرف .
هى سائل التحميض الذى يظهر الظل والنور فى الصور الفوتوغرافية . وهكذا تتفاضل النفوس وتتقرر مراتبها ودرجاتِها .
هى مناسبة للتعرف ، خلقها الله ليعطينا من فضله ومن عدله ، يحسب إستحقاقات يعلمها منذ الأزل ، ولا نعلمها نحن .
والدنيا هى حادثة إعلامنا وتعريفنا بأنفسنا .. وإعلام وتعريف كافة شهود الحدث من إنس وجن وملائكة وشياطين .
فلا تصح القضايا الا اذا تم إعلام جميع الأطراف .
وعلم الله لا يقوم حجة على خلقة إذا كان هؤلاء الخلق جاهلين .
فكان لابد من إعلام شامل كامل .
والدنيا هى الإعلام الشامل الكامل .
وهى ملف الأحوال والأعمال والنوايا والخفايا لكل نفس .
ثم بعد ذلك يآتى النشر والحشر والجمع والفصل .
وقد رتب الله كل هذا من أجل ان يعطى ويهب ويمنح .. فما خلقنا إلا ليعطينا .
لم يخلقنا لعذاب .
وما أنزل علينا الشرائع والتكاليف إلا ليسعدنا .
 ( ما أنزلنا عليك القرآن لتشقىّ  )
وفى سنتة يعطى كل مخلوق ما يحب .
الذى يحب الدنيا .. يعطيه من الدنيا ، والذى يحب الآخرة يعطيه من الآخرة .. والذى يعشق الظلمة ، يتركه للظلمة .
ومن النفوس ما لا تلذ لها إلا حياة الاشتعال والاحتراق والشهوات ..  تلك النفوس كانت بضعة من النار فإنتهت الى النار بحكم المشاكلة والمجانسة ولم يصح لها مقام إلا فيها ولم يكن لها حظ من جنة لأنها أصلا لا تحب الجنة .. إنما يعطى الله كل نفس ما تحب .
 ( وآتاكم من كل ما سألتموه  )
( كلا نُمِد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا ) ..
فقد جعل الله من نفسة وكيلا لنا ينفذ لنا رغباتنا .. ثم تكون كل نفس بعد ذلك ما كسبت رهينة .
وإذا كان الله يقول :
 ( وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون  )
فليس ذلك عن إحتياج منه لعبادتنا ، وإنما لآحتياجنا نحن لعبادته .. ولأن العبادة هى الحبل السرى الذى يربطنا به والذى عن طريقه يأتى المدد والعطاء مثلما يآتى الغذاء للجنين من الام عن طريق الحبل السرى ، فإذا انقطع هذا الحبل انقطع عن الجنين غذاؤه .. وبالمثل اذا قطعت هذا الحبل بينك وبين الله ، فقد حرمت نفسك من شريان المدد والعطاء ولم يحرمك ربك بل أنت  الذى حرمت نفسك وقطعت رحمك .
وإنما الله رحمة خالصة ، وعطاء خالص ، وقرب خالص
وإنما الجفوة والبعد والقطيعة منا .
وما الدنيا بكل ما فيها الا عطاء عاجل مؤقت يعقبه فى الآخرة عطاء آجل ذائم فما خلقنا الله إلا ليعطينا فى العاجل وفى الآجل .
ألم ينفخ فينا روحة ويخلع علينا أسماءه ويسجد لنا ملائكته ويسخر لنا سماواته ويفتح لنا كنوز أرزاقه ويطعمنا كفارا ومؤمنين ثم بعد ذلك يعدنا بميراث الخلود ، فماذا بعد ذلك 
وهل فى الامكان عطاء أكثر ؟
لو كان هناك أكثر فإنه هو ايضا الوحيد القادر على اعطائه .. فهو وحده معطى الكثير والأكثر والكوثر 
فهو يقول لعبده :
 ( إنا أعطيناك الكوثر )
ومن أجل ذلك خلقه .
فما خلق الا ليعطى وما خلق الا ليرحم ..
ذلكم الله ربكم لا يكافئه ثناء ولا يتناهى الى قدره حمد .
لا آله إلا هو له الحمد فى الأولى والآخرة .

من كتاب ( هل هو عصر الجنون ) لـ : مصطفى محمود .
.... تابع قراءة التدوينة

كن مع الثورة


الكلمة ماليه السجون
والثورة .. أعقل جنون
ع الندل والملعون
من الإله والخلق
اعلا يا صوت الحق
أصرخ بقولة  لأ
يا فجر ما تشقشق
صحى ضحايا الآمس
نور ظلام اليأس
يلمس جنونك لمس
طعم البراح والبوح
والحلم فين ما يروح
راجع .. بيتحقق !
.... تابع قراءة التدوينة