كتاب ـ الأناركية كما نراها ـ ترجمة : مازن كم الماز -2



  لقراءة الجزء الأول .. (اضغط هنا )

ثالثــاً : تغييرها كلية -
اليس من الطبيعى الان ان نتساءل ما  الذى يمكن فعلة للاطاحة بأنظمة السيطرة والاستغلال التى تسيطر على كل جانب من حياتنا ، هل التغيير ممكن حقاً ؟
الجواب هو نعم بالتأكيد ! توجد الدولة وسائر المنظمات بالتحديد ( التنظيمات ) القمعية بالتحديد لأن هذا التغيير ممكن .. ان النظام الرأسمالى فى حالة دائمة من الأزمة . لدرجة ما فإن الصيرورة المستمرة من الازدهار والركود التى هى جزء من كيفية عمل الرأسمالية التى تساعدها بالتأكيد البقآء للأصلح فقط .. من جهة أخرى فإنها تعنى عدم الاستقرار الدائم وإحتمال قيام إنتفاضات العمال مع تزايد فشل الرأسمالية فى الوفاء بوعودها . 
كانت بريطانيا فى الثمنينات والتسعينات تتميز بإنتفاضات محلية دورية ضد الشرطة ، والبطالة ، ضد ضريبة الفرد .. لكن هذه محدودة مقارنتا بما حدث فى الماضى وما يمكن ان يحدث فى المستقبل ، داخل هذه العملية من التغيير الاجتماعى الراديكالى تقع الشيوعية اللاسلطوية ( الأناركية ) ؛ لكن ما هى الشيوعية اللاسلطوية الأناركية ؟
باختصار .. يريد الشيوعيون اللاسلطويون " الأناركيون " أن يرو تدمير النظام الحالى الذى يخدم الغنى والقوى . نريد عالم ينظم لتلبية الحاجات الاساسية لكل البشرية ، حيث تعود كل منتجات عمل الجميع للجميع " اى الشيوعية " ، نريد أيضاً الغاء سلطة الطبقة الحاكمة .. ستتم السيطرة على المجتمع من قبل جميع البشر من خلال منظماتهم الخاصة ( اللاسلطوية أوالأناركية ) ،، لكن أليس هذا كُله حلماً جميل !؟


إرث الطبقة العاملة :
-----
ليست اللاسلطوية " الأناركية " نتاج عقول بعض المفكرين الذين لا تواصل بينهم وبين الجماهير العريضة من البشر . انها تنشأ مباشرة من نضالات العمال والمُضطهَدين ضد الرأسمالية ، من حاجاتهم وكل رغباتهم غير المُتحققة للحرية . وللمساوآة ، وللإشباع الذاتى، فى الماضى فى كل زمان تحدث فيه الثورات السادة ظهرت اللاسلطوية واشكالها للتنظيم، ولو لبعض الوقت فقط غالبا دون ان تسمى نفسها لا سلطوية " اناركية .
فى الثورة الانجليزية فى القرن الـ 17 ، فان جماعات مثل المساواتيين " مجموعة سياسية ظهرت اثناء الحرب الاهلية الانجليزية " دعت الى المساواة والى التسامح الدينى ـ المترجم " ..
، المفرطين ( فرقة مسيحية ظهرت فى القرن الـ 17 اعتبرتها الكنيسة فرقة مهرطقة، دعوا الى وحدة الوجود وأعلنوا أن المؤمن مُتحرر من كل قيد تقليدى وان الخطية نتاج للمخيلة فقط ، وان الملكية الخاصة خاطئة، اعتبرتهم الحكومة يومها تهديدا للنظام الاجتماعى ــ المترجم .. )
الحفارين ( مجموعة من الشيوعيين البروتستانت الانجليز الزراعين ، دعوا الى المساواة والغاء الملكية الخاصة ، ظهرت فى القرن الـ 17 ـ المترجم .. )
طوروا فكرة الحرية ، المساواة ، والعدالة . اما اثناء الثورة الفرنسية فإن العمال والحرفيين طوروا وعيهم الطبقى الخاص بداية بتطوير الافكار اللاسلطوية " الأناركية "
(الغاضبون ) . فى كومونة باريس عام 1871 خلق العمال الفرنسين فى الواقع تنظيمات السلطة الجماهيرية التى تحدث النظام القديم لفترة محدودة من الوقت قبل ان يجرى اغراقها فى الدماء ، فى الثورات الروسية فى عامى 1905 ، 1917 طور العمال والفلاحون بنى شبيهة للسلطة الديمقراطية المباشرة ، مثل مجالس العمال ولجان المعامل ، ليس لهذا اى علاقة باستيلاء البلاشفة على السلطة فى اكتوبر تشرين الأول 1917
بشكل مشابه فى الثورة الهنغارية لعام 1956 اقام العمال مجالس العمال عندما واجهوا مضطهديهم الشيوعيين فى ايام مايو آيار من عام 1968 فى فرنسا تم الاستيلاء على المعامل والجامعات وفى كثير من الحالات أديرت وفق قواعد قريبة من القواعد اللاسلطوية " الأناركية " ..
من حركات العمال هذه تطورت اللاسلطوية كقوة بين أكثر العمال وعيا طبقيا ، بدأت فى القرن التاسع عشر فى الأممية الأولى، حيث ظهر تيار لاسلطوى متمايز،تحت تأثير الثورى الروسى ميخائيل باكونين وأصدقائة ورفاقة .
منذ ذلك اليوم كان للاسلطوية تأثير هام على حركات الطبقة العاملة على امتداد العالم، من امريكا اللاتينية الى المانيا الى السويد ، الى الصين واليابان واصبحت متجذرة عميقا ومؤثرة فى منظمات النضال الطبقى للعمال فى ايطاليا ، واسبانيا ، والبرتغال .. ولعبت دورا فى كل الثورات المعاصرة الكُبرى ..
دافع الأناركيون وناضلوا دوماً عن حاجة العمال لتولى زمام المجتمع وادارتة ، وان يأخذوا فى ايديهم السيطرة على معاملهم ، وحذروا من امكانية تسلق اى حزب او آخرين الى السلطة على ظهور الطبقة العاملة اثناء هذه الفترة الثورية .
أثناء الثورة الروسية عام 1917  ما حذر منه الاناركيون من ان النضال قد جرى اختطافة من قبل المحترفين والسياسيين قد ثبت انه حقيقى . لعب المناضلون الأناركيون دوراً فاعلاً وهاماً بين الجنود المجندين، الذين رفضوا مواصلة القتال فى الحرب العالمية وشاركوا فى الاحتجاجات فى المدن والريف، وساعدوا فى اسقاط النظام القيصرى ، وحكومة الطبقة الوسطى التى تلته .
مع تقدم عام 1917 اصبح العمال اكثر كفاحية وراديكالية واستولوا بحماسة على ادارة المعامل وطالبوا بوضع نهاية لنظام الهيمنة القديم، استولى الفلاحون على الاراض وعاد الجميع من العمال والفلاحين الى بيوتهم ؛ الشعار اللاسلطوى " الارض لمن يعمل بها " " المعامل لمن يعمل فيها " وكل السلطة للسوفيتتات ( مجالس العمال ) اخذها منهم الحزب البلشفى الشيوعى ، بطريقة ماهرة وسريعة خدع لينين الجماهير ليستولى على السلطة، اصبح العمال خاضعين لديكتاتورية الحزب على الفور تقريبا هذه الديكتاتورية التى اصبحت أكثر وحشية بشكل متزايد مع مرور السنين ..
كانت الحركة اللاسلطوية ايضاً ضحية للقمع البلشفى وأعدم الكثير من الاناركيين وسجنوا وتم نفى بعضهم ،خاف البلاشفة للتأثير المتزايد للاسلطويين بين الجماهير ـ كان اللاسلطويين فى الخط الامامى لاقامة لجان المعامل لادارة المصنع ،
فى أوكرانيا لعبت الحركة الماخنوفية، تحت قيادة المناضل اللاسلطوى " ناستور ماخنو " دوراً رئيسياً فى هذيمة الجيوش البيضاء "القيصرية" ، التى كانت تتقدم فى طريقها لسحق الحكومة البلشفية فى بتروغراد . لقد انقذوا حياة النظام البلشفى حرفياً ، لكن هذا لم يعفهم من هجمات لينين وتروتسكى، وأُجبر الماخنوفيون على القتال على عدة جبهات ضد الاعداء المتفوقين وهزموا فى نهاية المطاف ..  لكن على الرغم من ذلك وفى ظروف حربية صعبة للغاية ،حاولوا تحقيق الملكية الجماعية للاراض فى المنطقة التى كانت تحت سيطرتهم ..
ايضاً فى قاعدة كرونشتادت البحرية، وصم البحارة والجنود الثوريون الذين وصفوا فى عام 1917 بأنهم ( زهرة الثورة ) ، من قبل القيادة البلشفية، فى عام  1921 على انهم من "الثورة المضادة "و"حراس بيض " . ما كانت جريمتهم !؟
لقد انتقدوا ببساطة الديكتاتورية البلشفية على السوفيتتات التى كانت قد اصبحت الآن اشكالا فارغة عوضا عن ان تكون منظمات للسلطة العُمالية ،بحارة كرونشتادت بردة فعلهم على الوحشية الرهيبة للسياسات البلشفية وفساد الدولة ومقننات الجوع، كانوا فى الحقيقة يحيون القضية اللاسلطوية ضد الدولة، وبسبب هذه الجرأة تعرضوا للمذبحة .
فى اسبانيا عام 1936 واجهت الحركة الاناركية واحدة من اعظم تحدياتها، وفتحت المجال امام ثورة تلهمها الافكار اللاسلطوية ، النقابة اللاسلطوية الجماهيرية ، الكونفيدرالية الوطنية للشغل ، والمنظمة اللاسلطوية الفيدرالية الايبيرية ( او الفيدرالية اللاسلطوية " الاناركية " الاسبانية ) ، كانوا فى الخط الاول للقتال عندما حاول فرانكو " مدعوما من الجيش، والفاشيين،والملكيين والكنيسة الكاثوليكية " الاطاحة بالحكومة الجمهورية، فى العديد من المناطق هُزمت قوات فرانكو اول الامر من قبل العمال والفلاحين المسلحين فى مناطق ككتالونيا وآرغون، سيطر العمال والفلاحون على شؤون حياتهم، واصبحت الارض والمعامل ملكية جماعية بينهم،لكن اللاسلطوية الاسبانية التى كانت قد تأسست اساسا حول النقابات، كان يعوزها الادراك السياسى وسرعان ما كانت عرضة لتلاعب سياسى الحكومة الجمهورية و " الشيوعية " ، ادى هذا للاسف الى المساومة على الكثير من المواقف والسياسات الاناركية، هزمت اللاسلطوية الاسبانية ليس فقط من قبل الفاشين ورأس المال الكبير بل ايضاً من قبل الستالينيين وبسبب ضعف سياستها الداخليه نفسها .
خلاصة تطور الاناركية المسجلة هنا تظهر ان التغيير الحقيقى يمكن ان يحدث فقط من قبل العمال الذين تلهمهم اللاسلطوية ، واللاسلطوية ليست حلماً طوباوياً ، انها تيار تحتى ( قاعدى ) دائم الوجود فى ممارسة الطبقة العاملة، المهمة المطلوبة هى فى جعلة التيار الرئيسى، بينما قد يسعى العمال الى الحلول التحررية لمشاكلهم فى الفترات الثورية ، فهناك أخرون مثل التروتسكيين وسياسى الطبقة الوسطى الذين يحاولون استخدامهم لكى يتسلقوا الى السلطة 
كان الاناركيون سذجا فى الماضى،رأوا اعداءهم الرئيسين (عن حق) على انها الرأسمالية الكبيرة والدولة لكنهم لم يكونوا واعيين بما يكفى بالمخاطر التى يمثلها أولئك الذين يدعون انهم جزء من حركة العمال ..
لهذا السبب نحتاج الى منظمة لاسلطوية كبيرة حسنة التنظيم واعية سياسياً ، منظمة كهذه ستترك رؤى بديلة للمستقبل وستتطور الافكار اللاسلطوية وتقدم حججاً معارضة للاشتراكيين الدولتيين والليبراليين وبقية الاصدقاء المزيفين للطبقة العاملة، إن اعداء الاناركية جيدو التنظيم، ولذلك تحتاج الاناركية لأن تكون أفضل تنظيماً ، المساعدة بإقامة مثل هذه المنظمة هى مهمة الفيدرالية اللاسلطوية ( الأناريكة ) ،،

0 للتعليق >>> إضغط هنا: