يقول ماركس بأن التاريخ عبارة عن تنازع مصالح مادية ويرى أن التاريخ يتحرك الى الأمام بدفع من الصراع الطبقى بين السادة والعبيد ! وكلما تغيرت أساليب الإنتاج تغير معها شكل المجتمع وحضارتة وفنونة ..
جاء المجتمع الزراعى فجاء معة بفنونة وآدابة وتقاليدة وأديانة وكانت وظيفة هذه الأديان هى الحفاظ على مصالح السادة الإقطاعيين .. ثم جاء عصر الصناعة والبخار فجاء معة بفنون وأفكار وأخلاقيات جديدة تحفظ للسادة إمتيازتهم ، ثم تطور العلم وتطور معة أساليب الإنتاج وجاء الآوان أخيراً ليقلب العمال نظام العالم ويأتون بأفكارهم وأخلاقيتهم ودينهم ( الشيـــوعيــة ) الذى يكتسحون به الأديان المتخلفة الموجودة! ويقودون العالم الى مجتمع لاطبقى يمتاز بالوفرة فى كل شئ ..
وكانت وسيلة ماركس الى ذلك هى تأميم وسائل الإنتاج وانفراد طبقة العمال الديكتاتورية والسلطة .. ولا يرى ماركس أثراً لأى عوامل أو قوى غيبية أو إرادة الهية وراء هذه العوامل المادية تؤثر فى التاريخ .. وما الله فى نظر ماركس الإ الصنم الذى أقامتة البورجوازية لتخدع به الطبقة العاملة وتشغلها بالسجود والركوع بين يديه انتظارا لفردوس وهمى بعد الوت ! لتخلوا لهم الدنيا يستمتعون بثمراتها كما يشاءون دون خوف أن ينازعهم العمال امتيازتهم .. فما الدين فى الحقيقة الإ مُخدر الفقراء وأفيون الشعوب والحشيش الذى يغيبون به العقول كلما أوشكت أن تصحوا وتنفجر على ثورة !!
ولهذا جعل ماركس القضاء على الأديان على رأس مخططة وبدأت الثورة البلشفية بهدم الكنائس وإحراق الأناجيل والمصاحف وإعتقال رجال الدين والغاء التربية الدينية من المدراس وتدريس الإلحالد والماركسية كمادة إجبارية للاطفال والكبار .
وقد وقع الأب الروحى للنظريه الماركسية وهو " كارل ماركس " فى عدة أخطاء قاتلة كانت كفيلة فى النهاية بالقضاء على نظريته وكانت برهاناً يثبت أن الفشل ليس فيمن يطبقون تلك النظرية ولكن الفساد يكمن فى النظرية الماركسية ذاتها ..
أولاً : اعتمد ماركس فى استنباط نظريتة عن التاريخ على بعض مراحل تاريخية دون الأخرى .. فكان ينتقى من التاريخ ما يوافق هواه ويهمل ما يناقض فكرة ، ومن هنا لا يصح أن تكون للقوانين التى إستخرجها صفة الإطلاق على التاريخ كلة ولا تصدق عليها صفة القوانين وإنما هى فى الحقيقة تلفيقات .
ثانيا : وقع الفكر الماركسى فى تناقض أساسى بين كونة فكر يدعو الى التضحية والبذل من أجل الآخرين وبين كونة فكراً محروماً من الحافز الدينى والمبدأ الروحى .. والدين كما هو معلوم يمد الإنسان بأعظم طاقة ليضحى ويبذل بلا حدود وعن طيب خاطر
ولكن تصورت هذه النظرية ان الولاء يمكن أن يشترى بالمرتب والمكافأة وإن لم يشتر بالخوف من قطع العيش . وكان هذا وهماً كبيراً .
وابسط مثال على هذا هو " ستالين " أحد رواد هذا الفكر عندما وجد نفسة أمام هذا التناقض حينما هجم الجيش النازى على روسيا .. فقد رأى الفلاح الروسى يقف متخاذلاً لا يعرف لماذا يحارب ولماذا يموت ولا بعث بعد الموت ولا جنة ! فلقد سلبت منه " الشيوعية " هذه الأفكار .. فلم يجد ستالين بداً من أن يعود فيبنى الكنائس ويفتح المساجد ليحيى القلوب التى ماتت ، وتغيرت التعلميات لكل الخلايا الشيوعية . وسمعنا عن بعثات حج روسية تخرج من موسكو الى مكة .. وسمعنا عن مفتٍ إسلامى يفتى فى روسيا البلشفية ..ولبس بعض الماركسيين طرحة الإسلام ولم ينفع هذا الصلح قطعا " الإنتهازى " مع الدين ،، ولكنة كشف للماركسيين أنفسهم عن ثغرة فى نظريتهم لا حل لها
ثالثاً : ذلك العامل الاقتصادى الواحد الذى جعل منه ماركس إلها تصدر عنه كل الأشياء وسبباً وحيداً تتداعى من ورائة كل التغيرات التاريخية والحضارية فيما يسمية " بالفسير المادى للتاريخ " ولكن سقطت هذا الفكرة علمياً فهناك عوامل أخرى كالعوامل النفسية والقومية والعنصرية والعقائدية يمكن أن تشكل التاريخ بأقوى مما يشكلة العامل الأقتصادى .. فبين الصين وروسيا صراع سوف يشكل التاريخ ومع ذلك فهو ليس صراعاً طبقياً ولا إقتصادياً فالدولتان كلتاهما شيوعية وبقيادة البروليتارية " طبقة العمال "
رابعاً : كان ماركس مبالغاً أشد المبالغة فى تلك الهالة الأسطورية التى أضافها على البروليتاريا " طبقة العمال " فى كلامة عن نقاء البروليتاريا وطهارتها وكأنها شعب الله المختار ! ونسى ان العامل والمثقف ومالك الأرض غالباً أفراد أسرة واحدة
وقد أقام نظريتة على ظروف القرن التاسع عشر الصناعية المتخلفة حيث العمل اليدوى ، ولم يتصور ما ستحدثة ثورة العلم والتكنولوجيا فى القرن العشرين .. ثم عن الطبقة العاملة فى نظر ماركس هانحن نرى أمامنا إنها تنشق الى طبقتين متناقضتين ، نتيجة تفاوت الدخول هما العمال المؤهلون والعمال غير المؤهلين وتنتج عن هذا الانقسام فئتين واحدة ارستقراطية وأخرى شعبية من العمال انفسم ! والنتيجة كانت انفصال الفكر الماركسى عن واقع القرن العشرين وما بعده من تقدم وتطور نظراً لرجعيته وتخلفة ..
خامساً : أخطأ كارل ماركس أيضاً فى جميع تنبؤاتة . فقال بخروج الشيوعية من مجتمع صناعى رأسمالى متقدم مثل إنجلترا والمانيا ، ولكن كذب التاريخ هذة النبوءة فخرجت الشيوعية من بلد زراعى متخلف كالصين ،، وتبنأ أيضاً بإتساع هوة الخلاف بين البورجوازية والبروليتاريا فى الدول الرأسمالية بشكل مطرد الى أن يتفاقم الوضع الى ثورة تقلب العالم ، ولكن ما حدث فى المجتمعات الراسمالية كان العكس تماماً ..
وتنبأ أيضاً بالأزمة الاقتصادية الماحقة التى تسحق النظام الرأسمالى بسبب إزدياد إجمالى الإنتاج عن معدل الطلب والقدرة الشرائية نتيجة فقر العمال المدقع .. ولكن الملاحظ فى شتى الدول التى تتطبق النظام الرأسمالى أن هذه السياسة الرأسماليه تحكمها الطابع العرضى .. اى طبقاً لظروف العرض والطلب على السلع والخدمات ..
وأما عن فكرة التأميم الشامل الذى تدعو له النظرية الماركسية فإن هذا التأميم حيثما طبق فى أى بلد أدى الى هبوط حاد لها فى الأنتاج والى كارثة اقتصادية .
ثم أن نظام التأميم الشامل يسد كل أبواب الرزق ولا يبقى للناس الا باب التوظيف بالحكومة وبذلك لا تعود وسيلة لضمان اللقمة ، سوى النفاق للحاكم والتملق للرؤساء والإنتهازية والتخابر والتجسس والعمالة . وبذلك يتحول المجتمع تلقائياً الى غابة من الناس يأكل بعضهم بعضاً .. ثم أن التأميم الذى انتزع المصانع من يد خمسة او ستة رأسماليين مستغلين قد سلمها الى مائة الف لص فى المؤسسات والجمعيات التعاونية ينهبونها . والمنتج الرأسمالى كان على الاقل استاذا فى مهنته بدافع مصلحتة يتقن ويبتكر ويبدع ويعطى المستهلك أقصى إجادة ليحصل على أقصى ربح .. أما المائة الف لص فى المؤسسات والجمعيات التعاونية فلا علم لهم بالحرفة وهم لا يبتكرون ولا يبدعون .. وانما كل همهم هو التسابق على النهب والسلب .. والنتيجة هى الكارثة الإقتصادية التى وقع فيها كل من طبق التأميم على نطاق واسع .
وهذه أحد اشهر كلمات انبياء الماركسية او الشيوعية او الاشتراكية ، اللينينية ، الستالينية سمونها كما تحبون ..
ــ أن بين شكوى الفرد وطموحة وضعاً نفسياً فيه الكثير من كوامن الحقد .. والحقد هو أسهل معاول الصراع الطبقى ،، لــ " تروتسكى "
ــ اننا لا نؤمن بالله ونحن نعرف كل المعرفة أن ارباب الكنيسة والإقطاعيين والبورجوازيين لا يخاطبوننا باسم الله الإ استغلالاً ،، لــ " لينين "
ــ الدستور والأخلاق والدين خدعة بورجوازية تتستر من ورائها البورجوازية من أجل مطامعها ،، لــ " المنفاستو الشيوعى "
ــ الفكر لم يخلق المادة وإنما المادة هى التى خلقت الفكر ،، لـ " إنجلز "
ــ العالم يتطور تبعاً لقوانين المادة وهو ليس بحاجة الى عقل كلى ،، لــ " ستالين "
والذين يؤمنون بالماركسية فى مصر أو فى العالم العربى هم شباب لا يقرءون ولا يتابعون ما يجرى فى الدنيا ، والقائلون بأن الماركسية نجحت وانتشرت .. أقول لهم نعم أنتشرت ولكن كيف ؟ .. كتحشيد وتعبئة لثأر قديم وغل حملة الأحفاد عن الأباء عن الأجداد يطحنونة تحت اضراسهم حتى وجد من ينظمة ويوزع عليه السلاح ، نجحت كتنفيس عن أحقاد مكبوتة وكتحشيد عسكرى مادى تكنولوجى .. ولكن ألم تنجح اليابان فى الخروج من دمار القنبلة الذرية ومن الهزيمة الكاملة الى ذروة القوة الاقتصادية بفضل نظام رأسمالى يرى الماركسيون أنفسهم أنه نظام خاطئ ؟
يا أخوانى أن نجاح فكرة لا يعنى بالضرورة صوابها أو صحتها .. فقد تنتشر الأفكار الخاطئة لمجرد أنها تلقى ترحيباً من غرائز الناس وأهوائهم .. وما أسهل تحريض الجياع على الشبعانين .. ثم أن النجاح فى جانب لا يعنى النجاح فى كل جانب فقد تننجح الثورة فى بناء مصنع ثم تفشل فى بناء إنسان ، ثم ما حاجتنا الى ترقيع حضارتنا وشخصيتنا العربية الأصيلة بالأجنبى والمستورد من حضارات عقمت وفشلت وشاخت ، وما معنى هذا المنبر المصنوع من ألف رقعة ورقعة .. رقعة إسلامية مع رقعة ماركسية مع رقعة لينينية . مع رقعة ناصرية ... الى متى هذا الضياع
هذه إذن الماركسية يا أخوانى واسباب رفضى لها ، والى هذا الحد توصلت الى اليقين التام للاجابة على سؤالى الحائر ( هل مُطبقى النظريه هم من افسدوها أم الفساد فى النظريه ذاتها ) وقطعاً بعد ذكر كل هذه التعقيبات والأخطاء الفادحة فى تلك النظرية فالفساد الحقيقى يكمن فى صلب النظرية ذاتها ،،
الفصل الأول من كتاب " لماذا رفضت الماركسية " للدكتور | مصطفى محمود .
0 للتعليق >>> إضغط هنا:
إرسال تعليق