الجزء الأول : ( اضغط هنا )
الجزء الثانى : (اضغط هنا )
اللاسلطوية " الأناركية " - مُستقبل ممكن ..
سيكون المجتمع الشيوعى اللاسلطوى " الأناركى " مختلف جذرياً عن الطريق التى نعيش بواسطتها اليوم. لقد غيرت الرأسمالية العالم أبعد من اى خيال أو تصور فى المائتى سنة الأخيرة ، حاول الرأسماليون و " الشيوعيون " ( رأسماليو الدولة ) الهيمنة على الطبيعة وعند قياهم بهذا جعلونا أقرب الى كارثة بيئية .. إن أوضاعا كابوسية وشيكة جداً مع إخضاع الطبيعة للتصنيع ، والطاقة النووية ، اطراح غاز ثانى أكسيد الكربون، إزالة الغابات ، الزراعة الصناعية .. الخ
ستعنى " الأناركية " إعادة تفكير جذرية ( راديكالية ) فى كيف نُدير حياتنا، سيتعين علينا ان نعيش فى تناغم مع الطبيعة، وليس فى مواجهتها، هل نحتاج بالفعل للكثير من السيارات ؟ هل نحتاج فعلاً عشرين نوعاً من معاجين الأسنان ؟ أليست هناك أشكال خالية من التلويث لتوليد الكهرباء ؟ هذه القضايا البيئية وأخرى لا حصر لها يكون علينا مواجهتها اذا كان للبشر ان يكون لهم مستقبل ..
اضافة الى تغير علاقتنا بالطبيعة ، سيكون علينا ان نغير الطريقة التى نرتبط بها بعضنا ببعض، كل جوانب حياتنا الآن تخضع للسيطرة من الأعلى ( سيطرة من هم فى الأعلى )
الالاف يقومون بوظائف السيطرة على البشر من حولهم وتقييد حريتهم ،
ما ان تدخل المعمل حتى يغيب اى مظهر للسيطرة الذاتية لصالح الادارة التافهة وتنمرها ( ارهابها ) بالنسبة لكثير من النساء والاطفال فان بيوتهم حتى غير آمنة فى وجه العنف الأُسرى ..
الأناركية تعنى الحرية ، يجب الا يخضع الافراد لتدخل خارجى طالما انهم لا ينكرون حرية الاخرين، لكن الحرية لا تكمن فقط فى ان تترك لتهتم بشؤونك بنفسك .. لكى تود الحرية الحقيقية يجب أن يكون لدى الناس أمان، بيئة آمنة .. الحرية تعنى أذن افضل تعليم ورعاية صحية ممكنة لتسمح لنا بأن نحصل على أفضل ما يمكن فى حياتنا ..
ستتعزز الحرية بأفضل ما يمكن مع تطوير الجماعات "المجتمعات" التى يمكن للناس فيها ان يديروا حياتهم بأنفُسهم ؛ فى ظل الرأسمالية تختفى هذه الجماعات لأن الافراد والأسر تغلق عليها بيوتها منعزلة عن الآخرين فى مجتمع لا سلطوى " أناركى " ستظهر جماعات ذات أشكال مختلفة غالباً على أساس العمل أو أماكن السكن. هذه الجماعات ستنضم طوعاً مع بعضها البعض لتخلق شبكة من المنظمات المستقلة لكن المتعاونة فيما بينها والتى ستدير المجتمع ..
هذا النظام معروف بالفيدرالية سينضم من مجموعات أخرى من المستوى المحلى الى المستوى العالمى بإقامة التنظيم الاجتماعى على التضامن والتعاون ، يمكن للافراد ان يشاركوا فى إدارة شؤون حياتهم بأنفسهم، وان يشاركوا فى توسيع حريتهم ..
لذلك سيأخذ البشر لأول مرة فى التاريخ السيطرة الكاملة على حياتهم .. لن يكون هناك مكان لقيادات ( زعامات ) أو لسادة ولسياسيين محترفين وموظفين حكوميين ، سيقوم الناس بهذه الوظائف بحيث يكون من يمارسها عُرضة للاستدعاء الفورى من قبل الناس الذين يخدمونهم ..
ستكون الأناركية نهاية القانون والنظام . كما نعرفة .. النظام القانونى الذى يتضمن الشرطة، القضاة ، السجون كوسائل لحماية الأغنياء والأقوياء من الجمهور العريض من البشر .. بعد تدمير انعدام المساواة والحكومة فإن اجهزة كهذه ستحل، ستدمر السجون ويتقاعد القضاة وسيعاد تشغيل ضباط الشرطة فى أعمال مفيدة اجتماعياً .. معظم الجرائم تقع ضد الملكية وسببها انعدام المساواة فى الثروة . عندما تصبح الملكية جماعية ويختفى انعدام المساواة ستختفى الجريمة أيضاً ، ستبقى هناك عناصر معادية للمجتمع لكن سيجرى التعامل مع هؤلاء من قبل تلك الجماعات نفسها على أساس عادل وإنسانى
لقد افسدت الرأسمالية وشوهت كل علاقة انسانية .. الجشع، البحث عن الثراء، التقدم فى الوظيفة، اختزال البشر الى وحدات اقتصادية ، عزل الافراد وما الى ذلك ، هى نتيجة مباشرة لوضع النقود قبل البشر ..
ستلغى الأناركية الرأسمالية والملكية الخاصة وتضعها فى أيدى الناس .. المبانى العامة ، المكاتب ، المتاجر، المعامل المستودعات والارض ستمتلكها الجماعات لتُطورها فى صالح الجميع لكن هذا لن يعنى نهاية الممتلكات الشخصية .
تطلب الشيوعية الغاء النقود، واذا سمحت الظروف ، توزع البضائع والخدمات بحرية على أساس الحاجة الشخصية .. بكلمات أخرى سيكون بمقدور الناس أن يحصلوا على اى شئ يريدونة عندما يحتاجونة . اذا كان الانتاج غير كافى لتغير هذه الوفرة الضرورية .. عندها سيجرى التشارك فى هذه البضائع والخدمات بالتساوى لتأكيد توزيعها العادل .. أخذاً بالاعتبار تكنولوجيا الكمبيوتر الحديثة ، سيكون هناك القليل من الصعوبات فى تخطيط الانتاج والتوزيع ليتناسبان مع حاجات كل فرد . خاصة اذا لم يكن هناك زيادة ضائعة فى الانتاج التى تميز النظام الحالى .
فى الوقت الحاضر فإن العمل بالنسبة لمعظم البشر شئ يراد تجنبة أكثر ما يمكن لكنة أيضا ضرورى لتوفير مستوى مقبول للحياة .. فى الاقتصاد الأناركى سيجرى الغاء العمل غير الضرورى وسيخفض العمل الضرورى الى آدنى حد ممكن ليتناسب مع رغبات البشر . عندها اما ان يقسم العمل غير الممتع بعد ان يخفض الى ادنى حد ممكن من خلال التكنولوجيا الملائمة أو ان يقوم به اولئك الذين يجدون فى أنفسهم الميل لتلك الأعمال ، التمييز بين العمل واللاعمل سيلغى ما ان يمارس البشر مرة أخرى طريقة تناغمية منسجمة للحياة ..
لكن الاناركية ليست فقط طريقة لنوع جديد من الاقتصاد أو اسلوب جديد للتنظيم الاجتماعى كعملية ( صيرورة ) مستمرة ؛ فانها تبدأ قبل الثورة و تتطور بعدها . توجد هناك حاجة لمهاجمة كل المعتقدات ، الأفكار، المؤسسات الممارسات التى تحد من الحرية والعدالة ، الدين ، التمييز الجنسى ، التمييز حسب العمر ، العنصرية ، الوطنية ، الجشع والاستغراق فى الذات، جميعها تحتاج لأن يجرى التخلص منها، والا فان الثورة لن تكون ذات جدوىّ ، لكن لا يمكننا القيام بما هو أكثر من تلخيص بعض التطورات التى ستحدث أو تتلو . كثير من الأشياء التى قد تظهر لا يمكننا التنبؤ بها الآن ولذلك فإن هذا التلخيص للمجتمع اللاسلطوى " الأناركى " ليس بأى حال من الأحوال مخططاً مقدساً وغير قابل للتغيير .